ومقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله:(أخذت منه) أي: بلا حاجة إلى تجديد عقد الذمة.
والدليل على هذا:
- أنه تواتر عن الخلفاء بداية من أمير المؤمنين عمر ومن تبعه من الخلفاء الراشدين وخلفاء المسلمين أنهم لم يكونوا يجددون العقد لمن يبلغ من أهل الكتاب ولا لمن يفيق من المجانين ولو كانوا يجددون العقد لنقل هذا نقلاً متواتراً لكثرة من يبلغ من الكفار وهذا أمر معلوم أنه في كل فترة يبلغ مجموعة من صبيان الكفار ولم ينقل عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لابد من تجديد العقد لهم.
- ثم قال - رحمه الله -:
في آخر الحول.
يعني: أنه إذا بلغ فإنا لا ننتظر به حولاً جديداً من حين بلغ بل تؤخذ منه على رأس الحول ولكن تؤخذ منه بالحساب.
ـ فإن بلغ في نصف السنة أخذت منه نصف الجزية.
ـ وإن بلغ بعد مضي ربع السنة أخذت منه ثلاثة أرباع الجزية.
وهكذا ..
والدليل على أنا لا ننتظر به حولاً:
- أنا لو انتظرنا في صبي وفي كل بالغ حولاً لأصبح أهل الكتاب لكل واحد منهم حول مستقل. وفي حساب حول كل واحد من أهل الكتاب ما فيه من المشقة والعنت على ولي الأمر وعلى من يقوم بأخذ الجزية على رؤس الكفار.
فلاشك أنه يجب وجوباً ولو لم يحل عليه الحول أن تؤخذ منه الجزية على رأس الحول لكن بالحساب فلا يُظلَم ولا يَظلِم.:
- لا يُظْلَم بأن يؤخذ أكثر منه.
- ولا يَظلِم بأن يوجب الانتظار لمدة سنة كاملة لأن هذا يجعل لكل شخص حولاً مستقلاً وتتفاوت أحوالهم.
-
ثم قال - رحمه الله -:
ومتى بذلوا الواجب عليهم: وجب قبوله وحرم قتالهم.
إذا بذلوا الواجب المطلوب منهم فإنه يجب أن نقبل منهم ويجب أن نكف عن قتالهم.
- لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبريدة لما أرسله:(فإن هم أطاعوك فاقبل منهم - يعني: الجزية - وكف عنهم - يعني عن قتالهم -).