وهذا المبدأ عند الشافعي من أضعف المباديء وهو أنه ينظر للصورة لا للحقيقة. فإن هذا المبدأ عند الإمام الشافعي أدى به إلى المنع من العقود الجائزة وأدى به في نفس الوقت إلى إجازة عقود باطلة فهو في الحقيقة من أضعف أصول الشافعي وهو أصل ليس عند الإمام أحمد - رحمه الله - ولا عند مالك - رحمه الله - لكنه من أصول الشافعي التي يستغرب الإنسان من الشافعي أن يؤصل مثل هذا الأصل وهو: أن العبرة عنده بظاهر وشكل العقد لا بحقيقته. وكما قلت لكم: أدى به إلى المنع من شيء واضح الجواز: كمسألتنا هذه وإلى جواز صور هي من الحيل الظاهرة التي يكاد جميع الفقهاء فيما عدا الشافعي يحرمها إلا هو نظراً منه إلى ظاهر العقد - كما سيأتينا في كتاب البيوع أمثلة كثيرة.
والراجح: كما هو واضح هو مذهب الجماهير.
ثم انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى مبحث من أهم المباحث وهو: الشروط.
- فقال - رحمه الله -
- ويشترط ...
اشترط الفقهاء لصحة عقثد البيع سبعة شروط. لا يصح العقد إلا إذا توفرت.
ولعل المؤلف - رحمه الله - رتب هذه الشروط حسب الأهمية فسيأتينتا أن الشرط الثاني من أهم الشروط إلا أن الشرط الأول هو مبدأ إجراء العقد فبدأ به المؤلف - رحمه الله -.
الشرط الأول:
- قال - رحمه الله -:
- (١) التراضي منهما.
يشترط لصحة البيع التراضي.
والتراضي هو: أن يقع العقد باختيار كل من الطرفين.
فإذا فقد الاختيار فقد التراضي.
والدليل على هذا الشرط:
- قوله تعالى: - ( ... إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ... ) -[النساء/٢٩]. فنصت الآية على أنه لابد من التراضي في التجارة.
= وذهب إلى اشتراط التراضي: الجماهير. فكلهم رأى أن العقد لا يصح إلا بالتراضي.
والخلاف الذي يوجد في التراضي هو من وجهة نظري خلاف شاذ فيما يتعلق بإسقاط هذا الشرط. أما ما يتعلق بتصحيحه مع بقاء الخيار للعاقدين فهذا خلاف قد يكون معتبراً لكنه يؤول إلى اشتراط التراضي فلا حاجة للتطويل به.
أما القول: بأن التراضي ليس بشرط وأنه نكتفي بظاهر قبول وإيجاب العاقدين فهو قول شاذ بعيد عن مقاصد الشرع والنصوص الفقهاء المحققين.