للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا المثال الأول من أمثلة التدليس.

وهو أن يعمد البائع إلى الجارية التي لون شعرها أشقر أو أبيض أو أسود وليس بسواد ناصع ثم يصبغ هذا الشعر ليكون أسوداً سواداً ناصعاً ترغيباً للمشتري.

فهذا البائع أظهر شعر الجارية بخلاف ما هو عليه لزيادة السعر.

ونحن نقول التدليس كل فعل يزيد بعه الثمن ولو لم يكن عيباً.

فهذا ليس من العيوب: كون شعر الجارية أشقر ليس من العيوب لكنه صبغه بالأسود لزيادة السعر إذا علم أن المشتري يرغب بأن يكون شعر الجارية لونه أسود.

وهو مثال واضح.

الثاني:

- قال - رحمه الله -:

- وتجعيده.

يعني: وكتجعيد شعر الجارية.

كأنه والله أعلم كان تجعيد الشعر نوع من الصفات المرغوبة في الجواري في وقتهم.

فإذا قام البائع بتجعيد الشعر الناعم ترغيباً للمشتري فقد دلس عليه.

هذا إذا اعتبرنا أن تجعيد الشعر من الصفات المحمودة المرغوبة ولا شك أن الفطر السليمة تأبى مثل هذا العمل لأن تجعيد الشعر الناعم ليس من صفات الجمال. وإن اعتبر في عرف قوم من الجمال فهو في الحقيقة ليس من الجمال كما أن تنعيم الشعر الجعد ليس من الجمال بل الجمال إبقاء الشيء على ما خلقه الله سبحانه وتعالى إذا لم يكن عيباً ونحن نتحدث في التدليس الذي ليس من العيوب.

فإذا كان شعر الجارية جعداً وليس جعودة تعتبر من العيوب فالأولى تركه على ما هو عليه.

الذي يعنينا الآن أنه إذا جعد شعر الجارية الذي أصله ناعم تدليساً على المشتري لأنه يرغب في هذه الصفة فعمله محرم.

-

ثم قال - رحمه الله:

- وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها.

الرحى: هي التي تطحن الحب.

فإذا جمع الماء ثم تركه إذا جاء المشتري لينظر إلى الرحى فإن الرحى ستتحرك بشرعة وتطحن كمية أكبر وتعمل بشكل فعال أكثر فيظن المشتري أن هذا من عادة هذه الرحى. والواقع أن ليس من عادتها أن تطحن بهذه السرعة وإنما طحنت بسرعة بسبب إمساك الماء.

فهذا من التدليس. لماذا؟ لأن جريان الرحى ببطء ليس من العيوب ما دام طبيعياً وهو يزيد زيادة السرعة لتظهر السلعة بصفة ليست هي عليها في الواقع.

هذا هو المثال الأخير من أمثلة المؤلف - رحمه الله - على التدليس.

حكمه:

التدليس: محرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>