- والشحم والكبد أجناس.
لما بين – رحمه الله – اللحوم بالنسبة للحيوانات أراد أن يبين أجزاء الحيوان الواحد، فهو يقول – رحمه الله – اللحم والشحم والكبد كل واحد منهن جنس مستقل، فيجوز أن نبيع كيلو لحم بعشرة كيلو شحم، ويجوز أن نبيع كيلو من الكبد بكيلوين من الشحم، لماذا؟ لأن اللحم والكبد والشحم كل واحد منها جنس مستقل، ما الدليل؟ قالوا: الدليل على هذا أن كلاً من هذه الأشياء يستقل باسم وحقيقة مختلفة، فدل ذلك على أن كل واحد منها يستقل بجنس بالنسبة للآخر.
وهذا صحيح.
وهذا كله: على القول بأن اللحم من الأموال الربوية.
وأما على القول بأنه لابد أن يكون المال الربوي، لابد: يشترط فيه القوت، فهل يعتبر اللحم ربوياً أو ليس من الربويات؟ ليس من الربويات، إلا في مكان يقتاته الناس، والمقصود بالقوت: يعني: أن يكون قوتاً يأكل منه جميع الناس ويشتركون فيه، فهو الآن عندنا ليس بقوت لكن قد يكون من الأقوات في البلاد الباردة فاللحم يعتبر قوتاً ووجبة أساسية.
-
ثم قال – رحمه الله -:
- ولا يصح: بيع لحم بحيوان من جنسه، ويصح: بغير جنسه.
هذه المسألة هي مسألة حكم بيع اللحم بالحيوان.
= فالحنابلة يقولون: أنه يجوز بيع اللحم بالحيوان إذا كان مكن غير جنسه.
فإذا أردت أن تبيع لحم غنم ببقرة، فهل يجوز أو لا يجوز؟ جائز، لأنه بغير جنسه.
وإذا أردت أن تبيع لحم غنم بماعز فإنه لا يجوز لأنه بجنسه.
وستأتينا الأدلة بالأقوال.
= القول الثاني: أنه لا يجوز بيع اللحم بالحيوان مطلقاً بدون تفصيل.
واستدل هؤلاء بدليلين:
- الأول: مرسل سعيد بن المسيب: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – (نهى عن بيع اللحم بالحيوان).
ومر معنا مراراً أن مراسيل سعيد من المسيب من أصح المراسيل، وأثنى عليها الأئمة ثناءً كثيراً.
- الثاني: أنه روي عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه كره بيع اللحم بالحيوان، وعقب الإمام الشافعي على هذا الأثر بقوله: ولا أعلم خلافاً عن غيره، فظاهر عبارة الشافعي أنه لا يوجد خلاف عن الصحابة أو بين الصحابة عن غير أبي بكر بالمنع. وبعبارة أوضح: لم يخالف أبو بكر أحد من الصحابة.