= القول الثالث: التفصيل، وهو: إن كان المقصود من بيع اللحم بالحيوان: اللحم فلا يجوز.
وإن كان المقصود ببيع اللحم بالحيوان غير اللحم: يعني: الحيوان. فيجوز.
مثاله: إذا باع الإنسان لحم الإبل بفرس: فإنه معلوم أن مقصوده الفرس لأن الفرس عادة تتخذ لا للحم وإنما للركوب، فهنا يجوز لأنه لا يقصد اللحم.
أما إذا باع لحماً بحيوان يقصد للحم فلا يجوز للنصوص العامة.
وظهر من القول الأخير أنهم لا يفرقون بين قضية بجنسها وبغير جنسها لم يتطرقوا إليها وإنما جعلوا الضابط: قصد اللحم وعدمه.
وهذا القول الأخير اختيار شيخ الإسلام واختيار ابن القيم – رحمهما الله -.
فإذاً عرفنا الآن الأقوال الثلاثة في المسالة وحجة كل قول.
-
قال – رحمه الله -:
- ولا يجوز: بيع حب بدقيقه.
لا يجوز أن نبيع الحب بالدقيق.
- لأن الدقيق يأخذ من المكيال مكاناً أكبر من الحبوب فتفوت المساواة وهي واجبة.
= القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد – رحمه الله – اختارها من المحققين ابن قاضي الجبل وهو أنه يجوز بيع الحب بدقيقه لأن غاية ما هنالك أنه بيع حب بحب مكسر لكن لا يباع على القول بالجواز إلا وزناً لأن التساوي متعذر كيلاً.
وهذا القول هو الصواب إن شاء الله.
وتقدم معنا أن المعتبر في المساواة كل شيء بالمعيار الشرعي، والبر معياره الشرعي الكيل، وإنما خرجنا عن المعيار الشرعي لسبب وهو أن التساوي لا يمكن تحصيله بالكيل ولذلك خرجنا عنه إلى الوزن.
وهذا إن شاء الله أقرب.
- ثم قال – رحمه الله -:
- ولا سويقه.
يعني: ولا يجوز أن نبيع الحب بسويقه، والسويق هو: دقيق البر يحمص مع السمن والزيت.
فهذا لا يجوز أن يباع والعلة أن النار تعقد وتنقص الدقيق فلا تحصل المساواة، ونحن نقول: إن كل شيء يباع بجنسه من الأموال الربوية لابد في من المساواة.
- ثم قال – رحمه الله -:
- ولا نيئه بمطبوخه.
يعني: ولا يجوز أن نبيع النيء بالمطبوخ كأن يبيع الإنسان الحنطة بالهريسة، فالحنطة حب نيء والهريسة مطبوخة.
وسبب المنع: عدم معرفة التساوي لأن الماء الذي في الطبخ يزيد من الوزن مما يجعل التساوي متعذر.
- ثم قال – رحمه الله -:
- وأصله بعصيره.
يعني: ولا يجوز أن نبيع أصل الشيء بعصيره.