يقول - رحمه الله -:
- قبل قبض الكل أو البعض: بطل العقد فيما لم يقبض.
أشار - رحمه الله - إلى أنه إن تفرقوا قبل قبض كل الثمن بطل العقد برمته.
وإن تفرقوا قبل قبض بعض الثمن بطل فيما لم يقبض وصح فيما قبض.
فإذا اشتريت أنا عشرين درهماً بدينارين: سلمته دينار وأخرت الدينار الآخر وأخذت العشرين درهم فالحكم أنه يصح في المقبوض وهو عشرة دراهم ويبطل في الذي لم يقبض وهو العشرة الأخرى.
وتصحيح هذه المسألة مفرع على مسألة تفريق الصفقة التي تقدمت معنا - فعلى القول بصحة تف ريق الصفقة تكون هذه المعاملة صحيحة وعلى القول ببطلان الصفقة وعدم تفريقها يكون البيع برمته باطل.
وتقدم معنا أن الصحيح صحة تفريق الصفقة بناء عليه نقول أيضاً يصح هذا البيع فيما قبض ويبطل فيما لم يقبض.
- قال - رحمه الله -:
- ومتى افترقا.
لم يبين المؤلف - رحمه الله - حد هذا الافتراق ولا شروطه ولا صفته والسبب في ذلك: ان هذا الافتراق كالافتراق الذي ذكر في خيار المجلس بكل تفاصيلة.
فإذاً الافتراق هنا إنما هو افتراف بالأبدان لا بالأقوال. وهو يتعلق أكثر ما يتعلق بالمكان.
فإذا أعطيتك عشرة وأخذت منك عشرة بعد ساعتين ونحن في مكان واحد فالصرف صحيح.
فكلمة التأخير هنا في باب الصرف ليست مقصودة بقدر ما هو أن يسلم العوض والمعوض في نفس المجلس ولو مع التأخير ماداموا في نفس المجلس. لأن هذا الذي تعطيه كلمة الافتراق.
هكذا قرر الفقهاء مع العلم أن الأحاديث فيها إشارة إلى خلاف هذا وأن المقصودالتسليم الفوري المباشر لأنه يقول: (هاء وهاء) يعني: خذ وأعط. وأصرح منه: (إلا يداً بيد) فكأنه لابد أن يعطي وياخذ.
لكن في الحقيقة القول بأن الأمر مربوط بالمجلس أرفق بالناس وعليه الجماهير بل إني لم أقف على خلاف في أن المقصود بالافتراق هو الافتراق في المجلس.
والمحاذير التي منع من أجلها التأخير في الصرف لا توجد في هذه الصورة.
فالأقرب إن شاء الله أن المقصود في المجلس فما داموا في المجلس فلو أخروا لوقت طويل فإنه الصرف صحيح.