للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الدليل الثاني: أن هذا العمل يصدق عليه النهي لأن هذا الرجل اشترى ثمرة قبل أن يبدو صلاحها ولم يقطع فدخل في عموم النهي.

وإلى هذا القول - الذي هو المذهب ذهب شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله - وفي هذا دليل على أن الشيخ - رحمه الله - له عنية خاصة وواضحة في قضية سد الذرائع وأنه يطبق هذا في الأحكام الشرعية.

= القول الثاني في هذه المسألة: أن العقد لا يبطل، بل يشترك البائع والمشتري في الزيادة. والزياة في هذه المسألة هي الفرق بين قيمة الثمرة وقت العقد ووقت الأخذ.

فإذا افترضنا أنه اشترى ثمرة نخلة قبل بدو الصلاح بمائة ريال وتركها حتى بدا الصلاح فلما بدا صلاح الشجرة ارتفع سعر الثمرة إلى أن أصبخ بخمسمائة ريال وهذا على أقل تقدير لأنه دائماً سيكون الفرق بين سعر الثمرة قبل بدو الصلاح وبعده كبير جداً. فالآن الفرق بين السعرين كم؟ أربعمائة فيشترك البائع والمشتري في هذه الزيادة.

واستدل أصحاب هذا القول:

- أن غاية ما هنالك أن هذا المبيع اختلط بغيره وهي الزيادة الحاصلة ببدو الصلاح واختلاط المبيع بغيره لا يؤدي إلى فساد العقد. كما لو اشترى الإنسان صبرة طعام وانكب عليها صبرة أخرى فإن هذا لا يؤدي إلى فساد العقد بل نفرز نصيب البائع من المشتري.

والقول الثاني: وجيه وقوي. فإن قيل: أليس مبدأ سد الذرائع والمنع من الحيل مبدأ نحفوظ ودلت عليه النصوص؟

فالجواب: صحيح ولابد من الاهتمام بهذا المبدأ والعمل على وفقه وفهمه من طالب العلم. لكن في هذه المسألة لم نمكن المشتري من تحقيق غرضه. ولذلك لم ينتفع من ترك هذه الثمرة إلى أن بدا الصلاح. وكل عمل أدى إلى إبطال ما احتال عليه الإنسان فقد أذهب ثمرة هذه الحيلة.

فنحن نقول الآن: بدل أن نبطل هذا العقد والشارع لا يتشوف إلى إبطال عقود المسلمين نبطل الحيلة بأن نمنع المشتري من أن يأخذ جميسع الزيادة فنقسمها بين المشتري والبائع.

على أن قول شيخ الإسلام - رحمه الله - في الحقيقة أيضاً فيه قوة. لكن يظهر لي الآن أن القول الثاني أوجه.

- ثم قال - رحمه الله:

- أو جزة أو لقطة فنمتا.

تقدم معنا: أن ما يجز ويلقط لا يجوز أن يباع على المذهب إلا جزة جزة أوة لقطة لقطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>