- الصورة الثانية: أن يبيع ما بدا صلاحه بشرط التبقية. وهذا أيضاً جائز وصحيح عند الجماهير والجم الغفير من أهل العلم فللمشتري أن يبقي الثمرة التي اشتراها بعد أن بدا الصلاح.
واستدل الجماهير على هذا الحكم:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها وعلل ذلك بخشية إصابة الثمرة بعاهة أو أن تتلف فدل هذا التعليل على أن الأصل ان البائع إنما يشتري ليبقي وأن شرائه لإبقاء الثمرة جائز لأنه لو كان الشراء دائماً للقطع لم يحتج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النهي عن شراء الثمرة قبل أن يبدو صلاحها لأن القطع ليس معه عاهه.
وهذا القول الذي هو مذهب الجماهير هو الصواب إن شاء الله ولسنا في الحقيقة بحاجة لذكر خلاف الأحناف في هذه المسألة لقوة مذهب الجماهير وتوافقه مع ظاهر الحديث الدال على النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها.
- ثم قال - رحمه الله:
- وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ.
ظاهر عبارة المؤلف - رحمه الله - أن المشتري له أن يبقي الثمرة إلى الحصاد والجذاذ: يعني: إلى وقت الحصاد والجذاذ. وليس له أن يبقي الثمرة إلى ما بعد ذلك. أن إبقاء الثمرة إلى ما بعد وقت الجذاذ والحصاد فيه تعدي على حق البائع.
ولا يجوز بناء على هذا للمشتري أن يبقي الثمرة بعد وقت الحصاد والجذاذ إلا بإذن البائع وإلا فإبقائه محرم.
ولا يقصد الفقهاء بقولهم إلى الحصاد والجذاذ يعني إلى أول وقت الحصاد والجذاذ بل إلى ما تبقى الثمرة عادة. وبعد ذلك لا يجوز له أن يبقي الثمرة إلا بإذن البائع.
- ثم قال - رحمه الله:
- ويلزم البائع سقيه إن احتاج إلى ذلك، وإن تضرر الأصل.
يلزم البائع السقي إن احتاجت الثمرة إلى السقي.
وتعليل ذلك:
- أنه يجب على البائع أن يسلم الثمرة كاملة ولا يمكن أن تسلم الثمرة كاملة إلا بإتمام السقي.
- يقول - رحمه الله:
- وإن تضرر الأصل.
يعني: حتى لو ترتب على السقي تضرر الأصل وهو الأرض في الزرع والشجرة في الثمر.
- لأن البائع دخل على هذا الأساس.
أي: دخل على أن يؤدي الثمرة كاملة وهذا لا يتم إلا بالسقي. فإذا كان السقي يسبب ضرراً على الأصل فيجب عليه مع ذلك أن يسقي.