للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذي يظهر لي في مسألة الرؤوس أن مذهب الحنابلة أقرب لأن اللحم مع العظم يمكن ضبطه بالوزن ويعرف عادة ويقدر من قبل أهل المعرفة. أما اللحم الذي في الرأس فهو يتفاوت تفاوتاً كثيراً ويتنوع وضبطه في الحقيقة فيه صعوبة بخلاف ضبط اللحم مع العظم فيه سهولة يمكن ضبطه بالوزن. لكن الرأس لا يوزن ولا يعرف مقدار الذي فيه بالوزن. فعلى كل حال الأقرب بالنسبة للرأس فيما يظهر لي الآن عدم جواز السلم فيه.

- ثم قال - رحمه الله -:

- والأواني المختلفة الرؤوس، والأوساط كالقماقم والأسطال الضيقة الرؤوس.

هذه الأشياء حكمها واحد: الأواني المختلفة الرؤوس، والقماقم والأسطال. هذه ثلاثة أواني لا يجوز السلم فيها.

تعليل الحنابلة: علل الحنابلة ذلك:

- بأنها تختلف اختلافاً ظاهراً في الحجم وفي جودة الاستعمال. بما لا يمكن ضبطه بالوصف.

وقوله: (القماقم) تطلق على أحد شيئين: - الشيء الأول: آنية خاصة يستخدمها أهل العطارة. - وتطلق أيضاً على آنية تستخدم في تسخين الماء. فتطلق على هذا وهذا.

= القول الثاني في هذه الأواني: جواز السلم فيها وذلك بأن تضبط بالوصف من حيث الحجم لأنها إنما تختلف من هذه الحيثية.

وهذا الخلاف لا يخفاكم أنه خلاف يتصور في القديم أما في وقتنا هذا فإنه لا ينبغي أن يكون هناك خلاف في جواز السلم في الأواني.

لماذا؟ لأنها أصبحت تصنع بدقة وبمواصفات ثابتة بما يستطيع معه الإنسان أن يحضر ما يريد من الأواني ويسلم فيها.

ففي وقتنا هذا لا إشكال أبداً في جواز السلم في الأواني لانضباطها ودقة التصنيع. نعم في القديم وربما لو رأى أحدكم الأواني القديمة للاحظ الاختلاف البين الذي بين الآنيتين وإن تشابهتا في الأداء والعمل. لكن في وقتنا هذا لا يتصور هذا الاختلاف.

- ثم قال - رحمه الله -:

- والجواهر.

الجواهر: كالدر والعقيق واللؤلؤ وكل ما يستخرج من البحار مما يطلق عليه أنه من الجواهر: فهذا لا يجوز السلم فيه لأنه يختلف في عدة نواحي: فيختلف أولاً: في الحجم وله دور كبير في الثمن. ويختلف في جودة الاستدارة وله أثر كبير في الثمن. ويختلف في جودة الإضاءة وله أثر كبير في الثمن.

لهذا كله رأى الحنابلة أنه لا يجوز السلم في الجواهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>