- لأن حقيقة هذا النوع: تبرع. والتبرع لا يكون إلا ممن يجوز تبرعه. فلا يجوز لولي اليتيم أن يصالح هذا الصلح ولا لولي الوقف ولا للمضارب المؤتمن ولا لكل من لا يجوز له أن يتبرع.
واستثنى الفقهاء من هذا الحكم: استثناء لطيف مفيد وهو: أن يدور الأمر بين أن يصالح ويكسب البعض أو أن لا يصالح ويخسر الكل.
فإذا دار الأمر بين أن يخسر الكل بلا صلحأو يكسب البعض مع الصلح جاز له أن يصالح لأن حقيقة هذا الصلح من حظ المصالح عنه. وهو مثلاً: اليتيم أو الوقف حسب صور من لا يجوز له أن يتبرع.
أما ما عدا هذه الصورة المستثناة فإنه لا يجوز له أن يصالح على هذا الوجه.
إذاً يقول المؤلف - رحمه الله -: (إذا لم يكن شرطاً .... إلى آخره: بقي الشرط الثالث لم يذكره المؤلف - رحمه الله - وهو: (أن هذا الصلح: أن لا يكون بلفظ الصلح.
السبب: أن هذا فيه أيضاً هضم للمقر له لأنه صالح عن ماله ببعضه. فالتعليل هو نفس التعليل السابق.
إذاً: تعليل اشتراط هذا الشرط هو كتعليل اشتراط أن لا يشترط المقر له نصف ما عليه - السابق.
= والقول الثاني: أنه يصح بلفظ الصلح وبأي لفظ بشرط أن يكون المعنى المراد معلوماً. ومعنى المراد هنا: إما هبة أو إبراء.
فإذا عرف المقصود صح العقد بلفظ الصلح أو بأي لفظ كان.
لأنه تقدم معنا أن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني فاللفظ ليس هو الذي تنبني عليه الأحكام وإنما المعاني.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وإن وضع بعض الحال وأجل باقيه: صح الإسقاط فقط.
وإن وضع بعض الحال وأجل باقيه: صح الإسقاط دون الوضع / فإذا كان زيد يطلب عمرو مائة ألف فوضع بعضه وأجل باقيه فقال: أبرأتك من خمسين وأجلت لك خمسين. صح الإسقاط دون التأجيل.
أما الإسقاط فهو يصح: لأنه إبراء. وللمكلف الرشيد البالغ العاقل أن يبرأ من شاء لأن هذا من التصرفات المالية التي يؤذن بها لمن جاز تصرفه.
وأما التأجيل فلأن قاعدة المذهب كما تقدم معنا في كتاب القرض أن الحال لا يؤجل. أي شيء حال فإنه لا يمكن أن يتأجل بالشرط والعقد.
فهذه المسألة مبنية تماماً على المسألة السابقة التي هي تأجيل القرض.