لكن هاتان صورتان. فإذا قال اليتيم لم تتلف وإنما أكلها الولي وهي محسوبة عليه. أو قال لم تتلف وإنما اخذها الولي إلى حيث لايعلم وأشبه هذه الدعاوى فالقول قول الولي , كذلك إذا أقرّ اليتيم أنها تلفت لكن زعم أنه بتعدّي أوتفريط من الولي فالقول قول الولي لأنه يده يد أمانة وهو محسن كما تقدم معنا. قبل أن ننتقل إلى مسألة دفع المال لأنها تختلف نوعاً ما عن المسائل السابقة ,يشترط في جميع المسائل السابقة , وهي النفقة والضرورة والغبطة والتلف. أربع أو خمس مسائل, يشترط ألاّ يدعي شيئاً يكذبه الواقع.
فإذا ادعى شيئاً لايقبل ويكذبه الواقع صار يجب عليه أن يثبت دعواه ببيّنة , ولانكتفي منه باليمين , لأنّ ظاهر الحال يكذب دعواه.
مثال/ إذا تلفت الثمار جميعاً كل ثمرة في البستان تلفت زعم الولي أنّ كل ما في البستان من ثمار تلف يقصد ثمار السنة التي انتهت.
ثم إذا قيل له كيف تم ذلك. قال أنه في السنة السابقة هجم جراد عظيم على البلد وأكل هذه الثمار , حينئذ إذا لم يكن معروفاً عند جميع الناس , أنه وجدت آفة الجراد , يلزم أن يقيم بيّنة على وجود الجراد , فإن لم يقم بيّنة على وجوده ضمن جميع الثمار , لأنّ دعواه يكذبها الواقع. من الأمثلة المعاصرة والتي قد تقع أن يحتاج الولي إلى بيع البيت, بيت اليتيم فلنقل للضرورة عند الحنابلة ثم لما باعه قيل له بكم بعت البيت فقال بعت البيت بخمسين ألف , وحرّج عليه ولم يأت أو لم يحصل البيت تحت الحراج إلاّ على هذا المقدار.
ولما نظرنا وجدنا أنّ البيت قيمته السوقية نحو مليون ريال, حينئذ نرضى أنّ هذا الحراج لم يكن موجوداً أصلاً , لأنه كيف يتم الحراج على بيت قيمته مليون ولايشترى إلاّ بخمسين ألف. لأنّ عادة التجار وأصحاب العقار أن يتنازعوا على البيوت التي فيها حراج لغلبة الظن في نزول سعرها بسبب الحراج ,فأين هم عن هذا البيت الذي نقص فيه هذا الثمن العظيم من مليون إلى خمسين ألف. هنا نقول فإما أن تأتي ببيّنة أنك أقمت حراجاً معتبراً معلناً مع وجود أهل الإختصاص , وإلاّ فتضمن الفرق بين القيمتين. هذه الأمثلة المقصود منها أن تتصور الشرط. وإلاّ القاعدة العامة أن يدعي ما يكذبه الواقع.