ليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه , ومقصود الحنابلة , أي فيما جرى العرف أن يقوم به بنفسه , حينئذ لا يجوز له أن يوكل , واستدلوا على هذا بأمرين: الأمر الأول أنّ الوكالة أمانة , فيجب أن يقوم بما عليه بنفسه.
الثاني" أنّ إذن الموكِل لم يتناول أن يوكل غيره فلا يجوز أن يخرج عن حدود الإذن.
والقول الثاني: أنه يجوز أن يوكل غيره , واستدلوا على هذا بتعليل وهو قولهم أنه أي الموكل لما ملك التصرف ملك أن يوكل فيه كالمالك الأصلي. والأقرب أنه يرجع في ذلك إلى العرف. فإن لم يوجد عرف فالصحيح المذهب أنه لايوكل غيره , لأنّ للموكل نظر في إختيار الموكَل , فإذا وكل غيره أسقط هذا النظر.
- يقول - رحمه الله - (إلاَّ أن يجعل إليه).
يعني إلاّ أن يأذن الموكِل للموكَل أن يوكل غيره , فإذا أذن جاز بإجماع أهل العلم بلا خلاف. كما أنه إذا اشترط عليه ألاّ يوكل حرم عليه بالإجماع بلا خلاف بين أهل العلم , إذاً في صورة إذا أذن أو إذا نصّ على المنع لا إشكال وإنما الإشكال والخلاف إذا أطلق ولم يحدد.
- قال - رحمه الله - (والوكالة عقد جائز تبطل: بفسخ أحدهما).
الوكالة عقد جائز وليست من العقود اللازمة, بلا نزاع عند الحنابلة واستدلوا على هذا بأنّ عبارة عن إذن في التصرف , والإذن يصح رفعه. وهذا صحيح. أنها عقد جائز وليست بعقد لازم , يقول تبطل بفسخ أحدهما, هذا من ثمرة أنه عقد جائز فإذا فسخه انفسخ سواء من الموكِل أو الموكَل , لكن سيأتينا مايترتب على الفسخ بلا علم الموكَل , وهي مسألة مهمة.
- يقول - رحمه الله - (وموته).
اتفق الأئمة على أنه إذا مات الموكِل انفسخ عقد الوكالة , هذا إذا علم الموكَل بموته , الإتفاق إذا علم الموكَل بموته, أما إذا لم يعلم فهي المسألة التي ستأتي بعد هذا , والله أعلم ..