وهذا القول الثاني هو الراجح واختصرنا في هذه المسألة لأنها ستأتينا في المزارعة وهي أصلاً في المزارعة.
إنما يعنينا الآن أن نعرف أنه عند الحنابلة: يشترط أن يكون الغرس - يعني الشجر - من رب الأرض لا من العامل. والقول الثاني أنه يجوز من العامل.
وهذا القول الثاني هو الصحيح.
من المعلوم أن غالب عمل الناس على المذهب. [بمعنى] هل صاحب الأرض سيكلف العامل بأن يأتي بالنخل؟ أو هو الذي يعطيه النخل ويقول له: اغرس النخل؟ حتى يبقى النخل ملكاً لصاحب الأرض.
إذاً: هذا الخلاف الفقهي قد لا يكون له رصيد كبير في الواقع. في الواقع دائماً يكون الغرس من رب الأرض حتى يبقى الشجر في الأرض ملكاً له.
- قال - رحمه الله -:
- وهي عقد جائز.
هذه المسألة انفرد بها الحنابلة: أن المساقاة من العقود الجائزة.
ولا أظن اني بحاجة إلى بيان ما معنى أن يكون العقد جائز؟ يعني: أنه له الفسخ متى شاء.
= الحنابلة يرون: أن عقد المساقاة من العقود الجائزة وهو من مفردات الحنابلة. رحمهم الله.
واستدلوا على هذا الحكم:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود خيبر نقركم فيها ما نشاء.
يعني: نبقيكم في خيبر إلى الوقت الذي ناء ثم نخرجكم منها.
وجه الاستدلال؟ وجه الاستدلال من هذا الحديث أن المساقاة لو كانت من العقود اللازمة لم يطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم العقد ولوقته بوقت محدد. لأن العقود اللازمة تحتاج إلى تحديد فلما لم يحدد عرفنا أن المساقاة من العقود الجائزة.
ويصدق هذا ويؤكده أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أخرجهم. كأنه فسخ المساقاة وأخرجهم وهذا يدل أيضاً على أنها من العقود الجائزة.
- الدليل الثاني: قالوا: أن المساقاة أشبه ما تكون بالمضاربة وإذا كانت تشبه المضاربة تأخذ حكمها من حيث الجواز.
= القول الثاني: وهو مذهب الجماهير أن عقد المساقاة من العقود اللازمة.
واستدلوا أيضاً بدليلين:
- الدليل الأول: القياس على عقد الإيجار. كأن رب الأرض استأجر العامل وإذا كان عقد المساقاة يشبه الإجارة فالإجارة من العقود اللازمة - كما سيأتينا.
واستدلوا على هذا: