للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- بأن القول بأن المساقاة من العقود الجائزة يفضي إلى مفسدة وهذه المفسدة هي أن يفسخ رب الأرض المعاملة قبيل أخذ الثمرة فيذهب نصيب العامل من الثمرة.

هذه المسألة لاشك أنها من المسائل المشكلة والمهمة جداً وعمل الناس على أنها من العقود اللازمة لأن المزارع والعامل كل منهما يتضرر لو قيل بأنه جائز.

هذا من حيث الواقع.

نأتي إلى الترجيح. الترجيح بين القولين: فأيهما أرجح؟

في الحقيقة المسألة فيها إشكال. لكن يظهر لي مع ذلك مع شيء من الوضوح أنها: جائزة وليست لازمة.

والدليل المرجح: النص والتعليل فكل من الدليلين المذكورين للحنابلة في الحقيقة قوي: لأنك إذا تأملت ستجد أن هذا العقد أقرب إلى المضاربة منه إلى الإيجار.

ما هو الدليل على أن هذا العقد أقرب إلى المضاربة من الإيجار؟

الدليل على هذا: أن من الأمور الحاكمة في العقود والموضحة لحقيقتها بالدرجة الأولى: كيفية توزيع الأرباح - ولا يحسن أن نقول أرباح يعني: - كيفية الحصول على مقابل العوض. تجد أن كيفية الحصول على المقابل يتشابه مع المضاربة. لأنها نسبة مشاعة من الأرباح بينهما الإجارة مبلغ مقطوع.

وهذا التشابه في الوارد مقابل العمل يجعل المساقاة أقرب إلى المضاربة.

وفي الحقيقة هذا هو الذي أوجد بالنسبة لي أنا الترجيح أنه جائز وأن قول الإمام أحمد - رحمه الله - هذا أرجح.

- قال - رحمه الله -:

- فإن فسخ المالك قبل ظهور الثمرة: فللعامل الأُجرة.

بين المؤلف - رحمه الله - حكم الفسخ قبل ظهور الثمرة. ولم يبين حكم القفسخ بعد ظهور الثمرة.

فحكم الفسخ بعد ظهور الثمرة أنه لا فسخ بل يلزم العامل بالاتمام ورب الأرض أيضاً بالإتمام.

وظاهر كلام بعض الحنابلة - ألسنا نقول أن عقد المساقاة من العقود الجائزة فكيف يقول الحنابلة أنه بعد ظهور الثمرة لا فسخ.؟ ظاهر كلام بعض الحنابلة: أن الفسخ صحيح فإذا فسخا انفسخ العقد لكن مع الفسخ نلزم العامل بالاتمام ورب الأرض بالصبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>