يبقى علينا الجواب على الحديث وهو دليل الحنابلة: الجواب من وجهين: ـ الوجه الأول: أن معنى قوله: (بل عارية مضمونة) أن المقصود بالضمان هنا ضمان الرد لا ضمان التلف. بدليل أن صفوان قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أغصباً. فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبين له أنها مردودة.
ـ الوجه الثاني: ان نقول: أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بل عارية مضمونة إنشاء للشرط فكأنه قال: بل عارية اشترط على نفسي أنها مضمونة. يعني وليست صفة كاشفة والصفة الكاشفة هي الصفة أو القيد التي ذكرت لبيان الحال لا لمزيد فائدة.
فالحنابلة يقولون: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بل عارية مضمونة) يعني: كأنه قال بل عارية والعارية من شأنها أن تضمن.
الجوابان المذكوران عن الحديث فيهما قوة.
ولهذا انا قلت أنه إن شاء الله أن الراجح القول بعدم الضمان لا سيما وأن من القائلين بعدم الضمان اثنين من الخلفاء الراشدين. ولقولهم مزية على باقي الصحابة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- بقيمتها يوم تلفت.
العارية تضمن بالقيمة.
يعني: إذا لم تكن مثلية. فإن كانت مثلية فبمثلها.
وتقدم معنا الخلاف في حد المثلي والقيمي. ولسنا بحاجة إلى أعادة الكلام في هذه المسألة فالخلاف الذي ذكرناه في المثلي والقيمي يأتي معنا هنا.
- يقول - رحمه الله -:
- يوم تلفت.
يعني: أن تقدير القيمة إذا لم تكن مثلية يكون يوم التلف لا يوم القبض ولا غيره وإنما يوم التلف لأن يوم التلف هو اليوم الذي فقدت فيه العارية.
واليوم الذي فقدت فيه هو اليوم الذي وجبت القيمة في ذمة المتلف.
فنقول: ننظر إلى القيمة في ذلك اليوم.
ومن المعلوم كما تقدم معنا في أبواب كثيرة أن تحديد زمن القيمة له دور كبير جداً وليس من المسائل التي لا أهمية لها بل مسألة مهمة. لماذا؟ لأنه قد تكون القيمة يوم التلف أضعاف القيمة يوم القبض أو قد يكون العكس فتحديد الفقيه متى يكون في أي زمن تحدد القيمة أمر مهم.