وعللوا هذا: - بقاعدة جميلة عند الفقهاء وهي: ((أن كل ما دل العقد على أنه مضمون فإن هذا الضمان لا ينفى بالشرط - وكل ما دل العقد على أنه أمانة فإنه لا يضمن بالشرط)). العكس - يعني: كل قاعدة عكس الأخرى.
بناء على هذه القاعدة: نحن نقول: كل ما كان مضمونا فإن ضمانه لا ينتفي بالشرط وكل ما كان أمانة فإنه لا يضمن بالشرط.
لو قال المضارب: أنا أضمن لك رأس المال. مالحكم؟ لا يجوز. لماذا؟ لأن رأس المال عند المضارب أمانة. ونحن نقول: (كل ما هو أمانة فإنه لا يضمن بالشرط). بهذه القاعدة استدل الحنابلة.
دليل هذه القاعدة: - أن هذا الشرط شرط ينافي مقتضى العقد. والشرط إذا نافى مقتضى العقد بطل.
وعن الإمام أحمد - رحمه الله - رواية ثانية: أنه ينفى بالشرط فإذا اشترط أن لا ضمان فلا ضمان.
والرواية الثانية هذه هي الصحيحة. بدليل: - حديث: (بل عاريو مضمونة).
ولولا هذا الحديث لكان ما قاله المؤلف - رحمه الله - صحيح لأن القاعدة التي ذكرت صحيحة. وإنما استثنينا العارية من القاعدة بدلالة النص.
إذاً: يجب أن تفهم أن القاعدة صحيحة وأن ترجيح القول الثاني هو بمثابة الاستثناء من القاعدة وأن سبب الاستثناء هو النص. فلولا النص لكان كلام الحنابلة سليم.
- قال - رحمه الله -:
- وعليه مؤونة ردها.
أي: وعلى المستعير مؤونة رد العين المستعارة. - لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه).
وهذه المسألة لا إشكال فيها. أنه على المستعير رد العين.
* * المسألة الثانية/ التي تتعلق بهذه المسألة أن رد العين على المستعير لكن مؤونة العين - في زمن الإعارة - على المعير.
وإلى هذا - أي: إلى أنه على المعير - ذهب الجمهور.
واستدلوا على هذا:
- بأن الأصل أن الإنسان ينفق على ملكه. وهذه العين لم تخرج عن ملكه فعليه نفقتها.
بناء عليه: إذا استعار زيد من عمرو سيارة لمدة أسبوع وذهب بها في كل مكان فإنه إذا أراد أن يسلم السيارة فإنه يطلب من المعير قيمة البنزين والزيت وكل شيء. لأن مؤونة العين على المعير فيقول: أنا انتفعت من السيارة لكن أريد قيمة البنزين التي صرف والزيت ... وهذا مذهب الجمهور وهو عجيب.