فالحكم حينئذ: أن الزرع جميعه للغاصب. وليس للمغصوب إلا أجرة الأرض. وقد حكى الشيخ ابن قدامة - رحمه الله - الإجماع على هذه الصورة. فيقول - رحمه الله -: (لا أعلم فيه مخالفاً).
ـ الصورة الثانية: التي ذكرها المؤلف - رحمه الله -: إذا بنى على الأرض بيتاً أو غرس فيها شجراً فإنه يجب عليه القلع.
ومقصود المؤلف - رحمه الله - بوجوب القلع: يعني: إذا طلب المالك منه القلع. فحينئذ يجب عليه أن يقلع.
والسبب: أنه معتد ظالم انتفع بمال غيره بلا إذن فوجب عليه الإزالة.
وهذا الحكم لاإشكال فيه. وجوب القلع: لا إشكال فيه.
* * مسألة/ إذا بنى في الأرش وطلب المالك القلع ولا مصلحة للمالك في القلع فحينئذ وقع بين الفقهاء خلاف:
= منهم من قال: إذا لم يكن لصاحب الأرض غرض صحيح في قلع المبنى: هدم المبنى: فإنه لا يمكن من هذا الحكم.
- لأن هذا مفسدة لا مصلحة فيها. والشرع جاء بتحصيل المصالح وتكميلها وإبطال المفاسد وتخفيفها.
= والقول الثاني: أنه يمكن ولو طلب هذا على سبيل الإضرار بالغاصب فقط. بأن قال: اهدم البيت لأبني مكانه مثله. ((الأذان)).
والراجح إن شاء الله أنه لا يلزم بالقلع لأنه كما قلت لا فائدة من إلزام الغاصب بهذا الحكم.
: الراجح إذاً: عدم الإلزام: أنه لا فائدة في هذا العمل.
لكن إذا كان هناك فائدة بأن بنى الغاصب في أرض ينوي المالك أن يجعلها مزرعة وهو في حاجة إلى اتخاذها مزرعة فحينئذ له أن يلزم الغاصب بالقلع وبكل ما يترتب على القلع كما سيأتينا في نص كلام المؤلف - رحمه الله -.
- قال - رحمه الله -:
- وأرش نقصها.
يلزمه أيضاً: أرش النقص.
إذا نقصت العين وهي في هذه المسائل الأرض بسبب أنه بني فيها بيت وهدم أو غرس فيها شجر وقلع. فإن على الغاصب أرش النقص.
والتعليل: - أن هذا النقص حصل بتعديه وظلمه. وإذا ترتب النقص على التعدي والظلم وجب ضمانه.
والأرش هو: أن نقول كم ثمن الأرض قبل هذا العمل وهو البناء ثم الهدم؟ وكم قيمتها بعد هذا العمل؟ والفرق بينهما يدفعه الغاصب.
- ثم يقول - رحمه الله -:
- والتسوية.
يعني: ويجب عليه بعد القلع أن يسوي الأرض.
والضابط في ذلك: أن ترجع كما كانت.