والراجح إن شاء الله مذهب الحنابلة وذلك لأن الضرر واقع على المشتري ولو دفع له قيمة ما بنى أو غرس لأنه من المعلوم أنه وإن دفع له قيمة ما بنى أو غرس فإنه لن يدفع له ما يقابل جهده في البناء والغرس والمتابعة فكل هذا سيذهب عليه هدراً.
ثم إن القول بأن الشفعة على التراخي يؤدي إلى اضطراب عقود الناس إذ يأتي الشفيع بعد فترة طويلة ويقول: (شفعت) بعد أن جاء المشتري إلى الأرض التي اشتراها وبنى وغرس وتعلقت مصالحه فيها يأتي بعد ذلك الشريك ويشفع. وهذا لاشك أن فيه ضرر وفيه مفاسد.
فقول الحنابلة في هذه المسألة إن شتء الله هو الراجح. وهو الذي تستقر به معاملات الناس.
- يقول - رحمه الله -:
- وقت علمه.
مرادهم: (بوقت علمه). يعني: فور علمه بالبيع.
فإن أخر ولو تأخيراً يسيراً بطلت الشفعة.
- لأنها على الفور.
فالحنابلة في الحقيقة يتجهون إلى ضبط هذه المعاملة جداً وينص الإمام أحمد على أنه إذا علم يجب أن يطلب الشفعة فوراً فإن أخر بطلت.
وذلك للتوازن بين حقوق المشتري وحقوق الشفيع. ويستثنى من ذلك: ما كان من عذر.
- يقول - رحمه الله -:
- فإن لم يطلبها إذاً بلا عذر: بطلت.
يريد المؤلف - رحمه الله - أن يبين الأشياء التي يستثنى فيها التأخير فيجوز التأخير في صورتين.
ـ الصورة الأولى: إذا كان التأخير مع بقاء المجلس.
ـ والصورة الثانية: إذا كان التأخير مع وجود العذر وهي المسألة التي نص عليها المؤلف.
نبدأ: بالصورة الأولى/
إذا أخر مع بقاء المجلس: فالصحيح أن هذا التأخير لا يبطل حقه في الشفعة لأن الوقت المتصل في المجلس لا يعتبر تأخيراً ولا تراخياً.
بدليل أن العقود التي يشترط فيها قبض السلعة قبل التفرق يكتفى فيها بالقبض أثناء المجلس ولو طال.
= والقول الثاني: أنه يجب أن يطلب الشفعة فور علمه فإن أخر ولو كان في المجلس بطلت الشفعة.
وهذا القول الثاني: ضعيف جداً. والقول الأول إن شاء الله أصح.
- لأن التأخير في المجلس لا يدخل الضرر لا على المشتري ولا على الشفيع ولا على أطراف العقد لأن المشتري لم يتمكن في فترة المجلس أن يعمل أي شيء في الأرض التي شفع فيها المشفع.
فالصواب إن شاء الله أن له أن يؤخر.