قال: (المنفعة دائماً من معين) يشترط في العين الموقوفة أن تكون معينة، فلا يجوز أن يوقف المجهول ولا المبهم ولا ما في الذمة.
لأن هذه الأعيان ليست معينة.
واستثنى الحنابلة من هذا الحكم: جواز وقف المشاع، لأن المشاع غير معين، ومع ذلك يرون جواز وقفه.
= والقول الثاني: جواز وقف المبهم فإذا قال أوقفت أحد هذين البيتين جاز وصح وعين المبهم بالقرعة.
وذلك: لأن في هذا الإجراء تحقيقاً لمقصد الواقف بلا مضرة، فالواقف أراد أن يوقف أحد هذين البيتين فلماذا نبطل العقد من أصله بل الأحسن أن نصحح العقد ونحدد العين الموقوفة بالقرعة.
وهذا القول صحيح.
يقول: (ينتفع به مع بقاء عينه) يشترط الحنابلة أن تكون العين مما يمكن أن ينتفع بها مع بقائها.
والدليل على هذا:
- أن موضوع الوقف هو التحبيس والتحبيس يتنافى مع الإتلاف.
= والقول الثاني: جواز وقف ما يتلف، أو بعبارة أدق: جواز وقف ما لا يمكن أن ينتفع به إلا بإتلافه.
كالدراهم والدنانير والرياحين والطعام والأدهان وغيرها.
وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -
واستدل على ذلك:
- بأنه لا محظور شرعي في هذا.
- كما أن فيه نفعاً، ووجه النفع: أنه إذا أوقف هذا الدهن على هذا المسجد استفدنا من الوقف أن لا يصرف هذا الدهن إلا في هذا المسجد.
فانتفعنا من أحكام الوقف ولو كانت العين تتلف بالانتفاع بها.
وفي الحقيقة لكل من القولين وجهة نظر قوية وإذا نظرت إلى الصحابة تجد أنهم لم يوقفوا إلا ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه.
يعني: لا يعرف أن الصحابة أوقفوا إلا مثل هذه الأشياء.
وبالمقابل ما ذكره شيخ الإسلام أيضاً وجيه ويحقق المصلحة.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
((انتهى الدرس)).