والقول الثاني: أنّ الوقف على الكنيسة جائز، لكنه يعتبر من الوقف الجائز, وليس من الوقف اللازم, فله أن يرجع في أيّ وقت شاء.
والقول الثالث: أنّ الوقف على الكنيسة جائز مطلقاً, وهذا القول والذي قبله ضعيف جداً, إذ كيف يسوغ للإنسان أن يوقف على الكنيسة, فيها من الشرك والإلحاد ما لا يعلم به إلاّ الله, وفيها من تحريف كلام الله والتعبد لله بما لا يرضاه أنواع شتى, فلا شك أنّ القول بجوازه مطلقاً, أو بجوازه مع اعتباره جائزاً, أنها أقوال ضعيفة جداً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ونسخ التوراة والإنجيل)
يعني ولا يجوز للإنسان أن يوقف الأوقاف على نسخ التوراة والإنجيل, وذلك لأنّ التوراة والإنجيل وإن كانا من الكتب التي نزلت من السماء من الله, من الكتب السماوية, إلاّ أنه لحقها التحريف والتبديل والتغيير, فالوقف على نسخ هذه الكتب هو في الحقيقة إعانة على نشر كتب محرفة, لا يجوز أن تنشر ولا أن تقرأ, هذا من جهة, ومن جهة أخرى أنّ هذه الكتب وهي التوراة والإنجيل منسوخة, وجاء القرآن حاكماً عليها، ولهذا لما أخذ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شيئاً من التوراة غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغضبه فيه دليل على أنّ أخذ التوراة نوع من المعصية, فكيف نوقف الأوقاف على التوراة والإنجيل بعد هذه النصوص والمعاني التي ذكرها الفقهاء.