يعني ولا يجوز أن يوقف الإنسان الأوقاف على كتب الزندقة, وإنما مثل الشيخ بكتب الزندقة, لكثرة وجودها في عصر المؤلف وما قبله وما بعده، ولكن هذا الحكم لا يختص بكتب الزندقة, بل يشمل كل الكتب التي فيها معاصي, سواء كانت المعاصي فكرية أو معاصي أخلاقية, فإنّ الوقف عليها لا يجوز, كذلك الوقف على كتب السحر والتنجيم والكهانة, سواء كانت للتعليم أو للإطلاع, كل هذه الأوقاف محرمة, وواقفها آثم, وهي باطلة, لأنّ كل عمل ليس عليه أمر الله ورسوله فهو ردّ، فإذاً تمثيل الشيخ بالزندقة من باب التمثيل, فكتب الغناء, وكتب القصص الماجنة, اليوم أعظم شراً من كتب الزندقة في وقتهم لأنّ كتب الزندقة انحسرت الآن إلى حد كبير, وظهر الحق وصار مكانها الكتب التي تعتني بالقصص المخلة بالآداب أو بالقصص الداعية للموسيقى والمعازف والأغاني, وهذه شرها اليوم مستطاب, فالتمثيل بها في مثل هذا المقام أولى, على كل حال القاعدة أنه لا يجوز أن يوقف اّلأوقاف على أيّ كتب تدعوا إلى معصية الله.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وكذا الوصية)
وكذا الوصية يعني أنّ الوصية حكمها حكم الوقف, فيما يجوز أن يوقف عليه وفيما لا يجوز أن يوقف عليه, فلا يجوز أن يوصي بما لا يجوز أن يوقف عليه, ويجوز أن يوصي فيما يجوز أن يوقف عليه، وهذا من باب يعني كأنه الشيخ أراد تكميل الحكم, وإلاّ الوصية لها باب مستقل.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(والوقف على نفسه)
يعني ولا يجوز أن يوقف الإنسان على نفسه, وإلى هذا ذهب الحنابلة, واستدلوا على هذا الحكم بأنّ الوقف هو عبارة عن تمليك للرقبة أو تمليك للمنفعة, لا يخرج عند جميع أهل العلم عن هذين النوعين, إما أن يكون تمليك للرقبة أو تمليك للمنفعة, ولا يجوز للإنسان أن يملك نفسه, كما لا يجوز للإنسان أن يبيع وأن يشتري مع نفسه فإنّ هذا العقد باطل, كذلك الوقف على النفس.
والقول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - أنّ الوقف على النفس صحيح, ولا محظور فيه, واستدلوا على هذا بعدة أدلة: