والقول الثاني: أنه يجوز أن يقف الإنسان على الحيوان ونصرف على هذا الحيوان من هذا الوقف, لأنه لا مانع من أن نقف عليه لتحقق الغرض, وهو أن يوقف على حيوان فينتفع الحيوان من الوقف بنفقته, ولا يخفى عليك أنك إذا رجحت جواز الوقف على الحيوان ستجمع بين هذا القول وبين الشرط الثاني: أن يكون على جهة بِرّ, فيجب أن يكون هذا الحيوان معّد لجهة بِرّ, إما جهاد، أو القيام على مساكين وأرامل وأطفال أو أيتام، المهم أن يكون معّد لجهة بِرّ, وهذا مقصود أصحاب القول الثاني وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله، يفهم من عبارات الفقهاء وإن لم يصرحوا بذلك أنّ الوقف على الحيوان ينبغي أن تصرف غلته على الحيوان، وليس لصاحب الحيوان أن يتملك من الغلة أيّ شيء, وإنما تكون الغلة جميعاً تصرف على الحيوان وليس لصاحب الحيوان أيّ علاقة بالغلة, وهو كذلك لأنّ الوقف ليس على صاحب الحيوان, وإنما على الحيوان.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وقبر)
لا يجوز أن يوقف الإنسان على القبر لا أصالة ولا تبعاً, لأمرين الأمر الأول: أنّ أصحاب القبور لا يملكون وهذه العلة الأولى.
العلة الثانية: وهي المعتمدة والأقوى, أن الوقف على القبور, مضادة لمقصود الشارع, لأنّ الشارع الحكيم نهى أن يبنى على القبور وأن يجصص عليها، وأن يجعل فيها أيّ نوع من أنواع التمييز, لما في ذلك من أن يكون مدعاة للغلو ومجاوزة الحد مع القبر, ولذلك الوقف على القبور باطل، وترجع الأوقاف ملك إلى أصحابها لأنّ العقد باطل من أصله، بل إنّ الوقف على القبور إثم, فضلاً عن أن يكون باطل, لأنّ فيه إعانة على المعصية بل على الشرك أو وسائل الشرك.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وحمل)
يعني لا يجوز أن نقف الأوقاف على الحمل, والسبب في ذلك أنّ الحمل لا يملك في الشرع إلا بأحد سببين: الإرث أو الوصية، وإذا كان لا يملك إلا بأحد سببين فإنه لا يجوز أن نقف عليه, لأنه يشترط في الوقف أن يكون على من يملك.