وجه ذلك: أن بيت المال إذا نقب نقصت منافعه لبقاء البنيان أو تعطلت؟ تعطلت تماماً لماذا؟ لأن بيت المال المقصود الأساسي منه حفظ المال فإذا نقب انتهى الغرض الأساسي الموضوع له المبنى وباقي البنيان لا فائدة منها مطلقاً.
وقول الحنابلة إن في هذا دليل على جواز نقل الوقف في حال تعطل المنافع لا في حال نقصان المنافع صحيح فهذا لا دليل فيه لأصحاب القول الثاني.
لكن أوضح دليل حديث النذر مع فتوى عائشة.
ولذلك نقول الأقرب إن شاء الله جواز بيع الوقف وصرفه في غيره إذا وجدت مصلحة راجحة.
لكن ينبغي التنبه إلى أن القيام ببيع الوقف لمجرد وجود مصلحة راجحة ينبغي أن يتحرز فيه الناظر والحاكم أشد التحرز وأن لا يقدم عليه إلا بعد وضوح الأمر واستشارة أهل الخبرة واستكتاب الشهود ويكون الأمر واضحاً حتى لا يكون هناك تلاعب في الأوقاف وتباع باسم المصالح.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
ويصرف ثمنه في مثله.
يعني: إذا بيع صرف في مثله.
وذلك:
- لأن في هذا تحصيل لمقصد الواقف والشارع حرص على تحصيل مقصد الواقف تماماً متى أمكن ولم يتعارض مقصده مع الشرع فإن لم يمكن تحصيل مثله فلا أقل من تحصيل البعض من مثله.
فإما أن نحصل مثله تماماً أو أن نحصل بعض مثله.
مثاله/ إذا كان المهدوم مسجد فينبغي أن نأخذ قيمة الأرض والبناء ونضعها في مسجد كامل، فإن لم نستطع أن نضعها في مسجد كامل وضعناها في بعض مسجد.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
ولو أنه مسجد.
يعني: ولو كان الوقف الذي تعطلت منافعه: مسجد فأيضاً يباع ويشترى بثمنه مسجداً آخر.
من أمثلة تعطل منافع المسجد أن لا يصبح فيه مصل بأن يكون على طريق عام وهذا الطريق العام وجد طريق بديل له خير منه وأصبح الناس لا يسيرون مع الأول مطلقاً ولا توجد حول المسجد قرى ولا مزارع فهجر تماماً فالواجب حينئذ أن يباع، لأنه تعطلت منافعه تماماً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
وآلته.
وآلته أيضاً تباع وتوضع في مسجد أو في مسجد آخر.
والدليل على ذلك:
- أنه إذا جاز أن نبيع المسجد كله فبيع بعضه من باب أولى.
فإذا تعطلت منافع الآلة كالخشب ومواد البناء فإنها تباع وتوضع في المسجد إن احتاج أو في مسجد آخر.
ثم قال - رحمه الله -: