وتصح بحمل.
في الحقيقة قوله: (وتصح بحمل) ليس هذا موضعها. أن هذا هو في الحقيقة كلام عن الموصى به والباب مخصص لأي شيء؟ للموصى له.
فإذاً: لا يناسب أن يقول: (تصح بحمل)، ولكن لعل المؤلف أتى بقوله: (تصح بحمل) ليعطف عليها ويقول: (ولحمل تحقق وجوده قبلها) ومع ذلك في الحقيقة لو أن المؤلف أخر قوله: (وتصح بحمل) إلى الباب التالي لكان هو الأولى.
يقول - رحمه الله -:
(وتصح بحمل)
يعني: يصح أن يوصي بحمل معين كأن يقول حمل هذه الناقة أو حمل هذه الأمة بشرط أن نتحقق من وجود الحمل حين الوصية.
فإن أوصى بحمل علمنا أنه وجد بعد الوصية فالوصية باطلة لأنها لم تصادف محلاً صحيحاً.
وهذا بخلاف ما لو أوصى بما تحمل هذه الناقة، فإن هذه الوصية صحيحة لأنها وصية بمعدوم والوصية بمعدوم كما سيأتينا صحيحة والفرق بينهما ظاهر جداً لأنه في الصورة الأولى عين حملاً موجوداً وتبين أنه ليس بموجود فبطلت الوصية وفي الصورة الثانية علق الوصية على وجود الحمل والوصية بمعدوم صحيحة.
ولهذا لو قال: أوصيت بهذا البيت والبيت ليس من أملاكه لم تصح الوصية.
ولو قال: إن اشتريت هذا البيت فهو وصية صحت لأنه علق الوصية بشرط صحيح.
ثم قال - رحمه الله -:
ولحمل تحقق وجوده قبلها.
يعني: ويصح أن يوصي لحمل بشرط أن نتحقق وجود الحمل حين الوصية.
وعلة ذلك:
- قاعدة مشهورة وهي: (أن كل من يصح أن يرث يصح أن يوصى إليه) فالوصية تجري مجرى الميراث والحمل يرث بالإجماع فإذاً يصح أن يوصى إليه.
والفقهاء قالوا: نتحقق من وجوده حين الوصية بأن يولد لستة أشهر فأقل من الوصية.
فإذا ولد لستة أشهر فأقل علمنا أنه حين الوصية أنه موجود.
وهذا قد يكون طريقة متقدمة يلجأ إليها الفقهاء لمعرفة وجود الحمل أما اليوم فيستطيع الطبيب أن يحدد متى نشأ الحمل؟ بدقة إلى حد كبير.
فإذا استطاع الموصى إليه وهو الصبي أن يثبت من المستشفى أنه موجود حال الوصية فالوصية صحيحة سواء ستة أشهر أو أقل أو أكثر.
مادام موجوداً حين الوصية فالوصية صحيحة.
ثم قال - رحمه الله -:
وإذا أوصى من لا حج عليه أن يحج عنه بألف: صرف من ثلثه مؤنة حجة بعد أُخرى حتى تنفذ.