المسألة الثانية: التي أفادنا المؤلف بها أنه لا يجوز أن نوصي إلى كافر, لأنّ الكافر ليس له ولاية على المسلم وإطلاق كلام الحنابلة على يفيد أنه سواء كان الكافر ذميّ أو مستأمن أو غير ذلك، لا يجوز مطلقاً وهذا صحيح أنه لا يجوز الوصية إلى الكافر لأنه ليس أهلاً للأمانة ولأنه لم يجعل الله له ولاية على المسلم.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(مكلف, عدل, رشيد, ولو عبداً)
مكلف، المكلف: هو البالغ العاقل، بناء على هذا لا يجوز أن نوصي إلى مجنون, ولا يجوز أن نوصي إلى صغير, والسبب في ذلك أنّ الوصية تتضمن الولاية, وهؤلاء لا يملكون الولاية على غيرهم, لأنهم لا يملكون الولاية على أنفسهم, فكيف بغيرهم, وهذا لا إشكال فيه, أنّ المجنون لا يجوز أن نوصي إليه، يبقى الإشكال في الصبيّ الذي نهز البلوغ وقرب منه ولم يبلغ, فالحنابلة يرون أنه لا يجوز أن نوصي إليه, لأنه لم يبلغ ومازال صغيراً على تحمّل الولاية، ومن الفقهاء من قال إذا كان يحسن التصرف وقد قارب البلوغ وهو كبير فإنه لا بأس بالوصية إليه، والراجح مذهب الحنابلة مادام لم يبلغ وصغيراً فإنه لا يوصى إليه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وعدل, رشيد)
قوله وعدل يعني فلا يجوز أن نوصي إلى فاسق, لأنّ موضوع الوصية الولاية، والولاية تقتضي الأمانة, والفسق يتنافى مع الأمانة.
والقول الثاني: أنه يجوز أن نوصي إلى الفاسق, لكن يضم إليه عدل.
والقول الثالث: أنه يجوز أن نوصي إلى الفاسق مطلقاً، وذكر هذا القول رواية عن الإمام أحمد, قال الشيخ المرداوي وهو بعيد جداً، وهو كما قال الجواز بالإطلاق بعيد جداً.
القول الرابع: وهو مذهب المالكية والأحناف، أنه يجوز أن نوصي إلى الفاسق إذا أمِنا الخيانة وكان قوياً على العمل، وهذا القول هو الراجح لأنه قد يكون في الفاسق مع أمانته غِناء لا يكون في غيره, لمعرفته في موضوع الوصية, وإحسانه التصرف فيها, فحينئذ المنع من الوصية إليه فيه إضرار بموضوع الوصية, على كل حال إذا تحقق الشرطان, فالأقرب ما ذهب إليه المالكية وهو الجواز والصحة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(رشيد)