الرشيد يشترط بناءاً عليه لا يصح أن نوصي إلى من لا يحسن التصرف, لأنّ الإيصاء إليه مناقض للمراد من الوصية فإنّ المراد من الوصية أن يقوم عليها بالإصلاح والعناية والحفظ, وهذا لا يحسن التصرف فكيف سيقوم عليها بالعناية والحفظ والإصلاح.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ولو عبداً)
يجوز أن يوصي إلى العبد, وظاهر كلام المؤلف سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره, إلاّ أنه إذا كان عبداً لغيره فاشترط المؤلف قال ويقبل بإذن سيده، يشترط إذا كان عبد غيره أن يكون بإذن السيد, والسبب في اشتراط الإذن, أنّ منافع العبد مستحقة لسيده، فلا يقبل إلا بإذنه لأنّ الحق له في المنافع.
والقول الثاني: أنه لا يصح الوصية للعبد مطلقاً.
والقول الثالث: أنه لا يصح الوصية لعبد غيره ويصح لعبد نفسه, والأقرب مذهب الحنابلة أنه يجوز مطلقاً إلاّ إذا كان العبد لغيره فإنه يشترط رضا السيد، وهذا القول هو الراجح وقد يكون في العبد من الغناء وجودة التصرف وإحسان التعامل ما ليس في غيره, والمقصود من الوصية هو هذا.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وإذا أوصى إلى زيد وبعده إلى عمرو ولم يعزل زيداً اشتركا)
إذا أوصى إلى رجل ثم بعد سنة, أوصى إلى غيره ولم ينصّ في الوصية الثانية لا على عزل الأول ولا على إبقائه, فإنّ الحنابلة يرون أنه يبقى, لأنه ليس في الوصية الثانية ما يدل على عزل الموصى إليه الأول, فإنّ لفظ الوصية للثاني لا يتضمن عزل الأول.
القول الثاني: أنّ الوصية للثاني تلغي الوصية للأول, لأنّ الظاهر أنه إذا أوصى للثاني, أنه تراجع عن الوصية للأول, والأقرب الثاني إلاّ إذا دلت القرائن على أنه لم يرد أن يعزل الأول, حينئذ يشتركان, فيما عدا هذا فإنّ الظاهر أنه أراد أن يكون الوصي هو الثاني.
ولا يخفاكم إن شاء الله أنّ هذا الترجيح ليس بترجيح بيّن, مسألة ليست واضحة بدرجة كافية لكن يميل الإنسان إلى أن يكون الثاني هو المراد بالوصية دون الأول، لأنه الظاهر من صنيع الموصي أنه عدل عن الأول.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ولا ينفرد أحدهما بتصرف لم يجعله له)
إذا أوصى الإنسان إلى اثنين, فهو أقسام: