للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: أنّا وجدنا أنّ بعض النساء تحسن التصرف ما لا يحسنه الرجال, وهذا القول الثاني أظهر إن شاء الله. كيف نجمع بين هذه المسألة وبين المسألة السابقة التي فيها أنه يجوز أن يوصي إلى المرأة بالإجماع؟ الجمع بينهما أنه يجوز أن نوصي إلى المرأة فتكتسب المرأة الولاية, من خلال الوصية لأنّ الموصي للمرأة يملك الوصية ويملك الولاية، لكن المرأة نفسها لا تملك الولاية فلا تملك أن توصي بها إذاً لاحظت الآن الفرق بين المسألتين, ومن هنا يمكن للأب الفطن الحكيم، إذا رأى أنّ زوجته خير من يقوم بأمر الأولاد أن يصنع ماذا؟ أن يوصي إليها لأنه لو مات بلا وصية فإنها لا تستحق عند الحنابلة، لكن لو أوصى لها استحقت عند جميع الفقهاء، إذاً الآن هذا العلم قد يسهّل للإنسان الاستفادة ممن يحسن الاستفادة مِنه الذين يرى الميّت أنهم أحق بولاية الأطفال، هذه المسألة مبنية على المسألة السابقة, فعلى القول أنها تملك الولاية لا تملك أن توصي, وعلى القول أنها تملك الولاية تملك أن توصي.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(ومن وصي في شيء لم يصر وصياً في غيره)

صحيح لأنه استفاد الوصاية بالإذن, والإذن قيّده في هذا الشيء فلا يتعداه إلى غيره, فإذا أوصى إليه في جزء من المال أو في نوع من الأراضي, أو في نوع من التصرفات فقط، فإنه يختص بهذا النوع ولا يتعداه إلى غيره.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وإن ظهر على الميّت دين يستغرق تركته بعد تفرقة الوصي لم يضمن)

المقصود بهذه العبارة, إذا قام الوصي بتفرقة الثلث, ثم لماّ فرّقه ظهر أنّ على الميّت دين يستغرق التركة, فإنّ الوصي لا يضمن, لأنه تصرف بإذن الشارع, ومن تصرف تصرفاً مأذوناً له فيه لم يضمن، إلاّ أنه إذا كانت العين المفرّقة لازالت موجودة, فإنه يجب على من أخذها أن يردها, لأنّ حق الدائن مقدم على حق الوصي، وفي كل حال الوصي لا يضمن، لأنه ليس منه تفريط وليس منه تعدّي.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وإن قال ضع ثلثي حيث شئت لم يحل له ولا لولده)

إذا قال ضع ثلثي حيث شئت لم يحل له ولا لولده وإنما يجب أن يعطيه إلى جهة خارجية, واستدل الحنابلة على هذا بأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>