فقالوا: إن حال السلف دليل على أن الأفضل في حق الإنسان التعدد.
والأقرب للصواب إن شاء الله أن الأفضل من حيث الأصل التعدد وليس لنا أن نقول أن الأفضل غير التعدد مع أن التعدد حال النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف إلا أن هذه الأفضلية تختلف من شخص لآخر فإن كان هذا الشخص إن عدد صار التعدد من أسباب تقصيره في واجب آخر صار الأفضل في حق هذا الشخص المعين أن يفرد.
وإن كان الأمر بالنسبة له سيَّان ويستطيع القيام بواجباته الأخرى مع التعدد فالأصل في النكاح والأفضلية التعدد. والإمام أحمد - رحمه الله - لم يعدد وليس هو قدوة في هذه القضية بل القدوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن أقول لكم من باب الإخبار أن الإمام أحمد - رحمه الله - لم يعدد فكان تزوج بأم صالح - ابنه الكبير - فلما بلغ الأربعين بقيت معه نحو ثلاثين سنة - فلما مضى على الزواج سبع سنوات قالت يا أبا عبد الله هل رأيت من شيء تكرهه؟ فقال الإمام أحمد: بارك الله فيك لم أر شيئاً إلا أن النعال تصر أحياناً - يعني: يخرج لها صوت - فذهبت إلى السوق وبدلت النعال واشترت حذاء من جلد ليس له صوت. (أنا أقول: كأن الإمام أحمد يريد في البيت هدوء فكان هذا الصوت يزعجه) لما توفت أم صالح أرسل بامرأة تخطب إحدى بنات عمه قال: اذهبي واخطبيها لي. فذهبت وخطبت المرأة فوافقت مباشرة لما رجعت قال الإمام أحمد ماذا قالت: قالت: وافقت. قال لما خطبتيها كانت أختها العوراء تسمع قال: نعم. كانت بجوارها. قال: اذهبي وانقضي الخطبة الأولى واخطبي تلك العوراء. فخطبت العوراء ووافقت مباشرة وكان هذا من الإمام أحمد نوع من المداراة ومراعاة النفس - رحمه الله - حتى لا تتأثر الأخت المخطوبة وكانت الاثنتين بنات عمه: الثانية هذه أم عبد الله. وهي التي أتت بعبد الله الذي روى مسند الإمام أحمد وتسرى الإمام - رحمه الله - مرتين واحدة منهما أتت بابنين سمى الأول حسن والثاني: حسين - رحمه الله وغفر له -.
إذاً: الأفضل عند الحنابلة الواحدة وأما التعدد فهو مفضول لما تقدم.
والصواب إن شاء الله أن الأصل أن التعدد هو المستحب.