بقينا في شرط عند الحنابلة وهو قول المؤلف (خلت) فمن أين أخذوه؟
هم لم يأخذوه من الحديث وإنما أخذوه من فتاوى الصحابة فالإمام أحمد أخذ هذا الشرط من فتاوى الصحابة.
وهنا جاءت فائدة معرفتك كطالب علم أن الإمام أحمد يعتمد كثيراً على فتاوى الصحابة فانظر كم هي الأقوال التي مرَّت معنا كان قد اعتمد عليها - رحمه الله - من أقوال الصحابة فإن فالصحابة هنا اشترطوا أن تخلوا المرأة به.
وهنا بحث أخير في هذه المسألة قبل أن ننتقل إلى القول الآخر:
ما هو حدُّ الخلوة؟ وما المقصود بها؟
هذه الخلوة: اختلفت الرواية فيها عن الإمام أحمد وباختصار نقول:
روي عن الإمام أحمد في تفسيرها روايتان.
الأولى: أن المقصود بالخلوة أن تتوضأ المرأة بدون أن يشاهدها أحد.
والثانية: أن تنفرد المرأة بالوضوء من هذا الإناء.
والراجح الثانية وهو أن معنى الخلوة أن تنفرد المرأة بالوضوء حتى لو بحضرة الرجال فإنه يعتبر خلوة.
وسبب الترجيح أن هذه الرواية ألصق بالحديث فإن الحديث يشترط فيه أن تتوضأ المرأة فقط فلم يتعرض فيه لقضية المشاهدة.
عرفنا الآن مذهب الحنابلة وشروطهم ودليلهم وتعليلاتهم لكل شرط من الشروط فنأخذ الآن:
القول الثاني: للأئمة الثلاثة. أنه يجوز للرجل أن يتوضأ بفضل طهور المرأة.
واستدلوا على هذا الحكم: بما أخرج مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (توضأ بفضل ميمونة).
وبحديث عائشة في الصحيح (أنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد)
سؤال: لماذا ذكر المؤلف - رحمه الله - هذا النوع من المياه في قسم الطهور؟ مع أنه لا يرفع حدث الرجل وقد عرف الطهور بأنه: الذي يرفع الحدث.
الجواب: لأنه يرفع حدث المرأة فهو بهذا يعتبر من أقسام الطهور.
ثم انتقل - رحمه الله - إلى القسم الثاني من أقسام المياه.
• فقال - رحمه الله -:
وإن تغير لونه أو طعمه أو ريحه: بطبخ أو ساقط فيه.
بدأ المؤلف بالقسم الثاني من أقسم المياه عند الحنابلة وهو: الماء الطاهر.
وهذا الماء الطاهر ينقسم إلى قسمين:
الأول: - أن يكون طاهراً بسبب: اختلاط الطاهرات به.
والثاني: أن يكون طاهراً بسبب: رفع الحدث به.
فكل ما سيذكره المؤلف - رحمه الله - يندرج تحت أحد هذين القسمين.
ونبدأ بالقسم الأول: - تغير الماء بالطاهرات.