فنقول: أن الماء الطاهر الذي تغير بالطاهرات ينقسم إلى قسمين:
الأول: - أن يتغير الماء بالطاهرات مع بقاء الإسم.
الثاني: - أن يتغير الماء بالطاهرات مع ذهاب الاسم.
ومثال القسم الأول: كماء الورد.
ومثال القسم الثاني: كالمرق والصابون والشاهي.
وتنبه إلى أن المقصود بالبحث في كتب الفقهاء هو الماء الذي تغير مع بقاء الإسم أما الماء الذي تغير مع ذهاب الاسم فهذا لا إشكال أنه لا يرفع الحدث.
الحنابلة يقولون: إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بطبخ أو ساقط فيه أصبح طاهراً بعد أن كان طهوراً.
ما هو دليل الحنابلة على هذا الحكم؟ - وهو حكم كبير لأنهم بذلك يخرجون قسماً كبيراً من المياه فلا يصلح أن يتوضأ بها المسلم.
قالوا: أن الله سبحانه وتعالى نقلنا في كتابه عند عدم الماء إلى التيمم فقال: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [النساء/٤٣]
والماء في الآية مطلق والماء المتغير بالطاهرات ليس بماء مطلق فننتقل إلى التيمم.
ودليلهم دليل وجيه كما نرى.
والقول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد.
أن الماء إذا تغير بالطاهرات فإنه يبقى طهور.
بماذا استدل أصحاب هذا القول؟
استدلوا: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر النساء اللاتي يغسلن ابنته أن يضعن مع الماء سدراً.
ومن المعلوم أن الماء والسدر المطحون يعتبر من الماء المتغير بالطاهرات لأنه يتغير بوضع السدر المطحون فيه فإنه يختلف ريحه وطعمه ولونه ومن المعلوم أيضاً أن غسل الميت غسل واجب ويعتبر من الطهارات الشرعية ومع ذلك كله أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلوا ابنته بماء وسدر.
فدل هذا الحديث أن الماء إذا تغير بالطاهرات فإنه يبقى طهور.
أي الدليلين أقوى؟ ولماذا؟
- الدليل الثاني أقوى. للقائل بأن الماء المتغير بالطاهرات يبقى طهور. ولماذا؟ لأنه أخص بالمسألة. والدليل إذا كان أخص بالمسألة فيرجح على الدليل العام.
أما دليل الحنابلة فهو مفهوم من الآية فهماً ولا شك أن الدليل المنطوق الأخص يقدم على المفهوم.
ننتقل الآن إلى القسم الثاني من أقسام الماء الطاهر:
• فقال - رحمه الله -:
أو رفع بقليله حدث.
الحنابلة يرون أن الماء إذا رفع بقليله حدث - والقليل هو ما دون القلتين - فإنه يعتبر طاهراً.