قال - رحمه الله - (إذا استوفى ما يملك من الطلاق حرمت حتى يطأها زوج في قبل ولو مراهقاً)
إذا طلق الإنسان زوجته واستوفى الطلاق أيّ عدده وهو الثلاث فإنها لا ترجع إليه إلاّ بشرطين: -
الشرط الأول: أن تنكح زوجاً غيره , فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره.
الشرط الثاني: أن يطأ هذا الزوج الثاني. ودليل هذا الحديث الذي تقدم معنا أنّ رفاعة - رضي الله عنه - طلق زوجته ثلاثاً ثم تزوجها عبد الرحمن بن الزبير - رضي الله عنه - فجاءت زوجته تشتكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقول يا رسول الله ليس معه إلاّ مثل هذه الهدبة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة , لا , حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك , هذا الحديث نص في أنّ المراجعة لا تكون إلاّ بعد الوطء. وإلى هذا ذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة جميعاً إلاّ واحد , إلى القول باشتراط الوطء ذهب جمهور الأمة الفقهاء الأربعة والسبعة
إلاّ واحد من السبعة وهو سعيد بن المسيّب - رحمه الله - فإنه يرى أنّ مجرد العقد يكفي ولا يشترط الوطء. واستدل على هذا بالآية فقال حتى تنكح زوجاً غيره , وهذه نكحت زوجاً غيره , وليس في القرآن ما يدل على زيادة اشتراط الوطء. ولا شك أنّ هذا الفقيه الكبير قوله ضعيف وهو يحتاج أن نعتذر له بأن نحمل هذا القول على أنه لم يبلغه هذا الحديث الصحيح. وإلاّ لو بلغه فإنّ دلالة النص صريحة , فإنّ عقد عبد الرحمن بن الزبير على امرأة رفاعة كان صحيحاً بإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك اشترط هو - صلى الله عليه وسلم - الوطء فلا إشكال ولهذا لم يوافق أحد من الفقهاء سعيد بن المسيب في هذه المسألة واستقر الأمر على اشتراط العقد والوطء.