أما القسم الأول: إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فهو محرم بالإجماع ولم يختلف أهل العلم ولله الحمد في هذه المسألة. لأنه بعد نفخ الروح أصبح نفسا معصومة لا يجوز الاعتداء عليها.
القسم الثاني: قبل نفخ الروح. وقبل نفخ الروح ينقسم الجنين كما تقدم معنا إلى ثلاث مراحل. نطفة وعلقة ومضغة.
قبل أن ندخل في التفصيل مما يساعد على معرفة الحكم الشرعي أن نتصور معنى النطفة والعلقة والمضغة.
النطفة في لغة العرب/ هي الماء الصافي. وأما في الاصطلاح/ فالنطفة هي ماء الرجل أو ماء المرأة إلى أن يصل إلى مرحلة العلقة.
أما العلقة فهي في اللغة/ الدم المتجمد. وأما في الاصطلاح/ فهي الدم الذي انعقد جنينا.
وأما المضغة فهي قطعة اللحم سميت بذلك لأنها تشبه القطعة التي يمضغها الإنسان في فمه. من حيث الشكل. الآن تصورنا أنّ النطفة ليست إلاّ ماء الرجل أو ماء المرأة , وتصورنا أنّ العلقة ليست إلاّ دم , وتصورنا أنّ المضغة ليست إلاّ قطعة لحم. ونحن نتكلم قبل النفخ أو بعد النفخ؟ قبل النفخ لأنّ بعد النفخ الأمر واضح. نأتي إلى خلاف الفقهاء اختلف الفقهاء:
القول الأول: هو مذهب الحنابلة وهو أنّ الجنين يجوز إسقاطه في مرحلة النطفة فقط. إلاّ أنّ بعض الفقهاء أضاف قيدا وهو أن يكون لحاجة أو ضرورة. واستدل الحنابلة على هذا بأنّ الجنين في مرحلة النطفة ليس إلاّ ماء يشبه أن يكون لا فرق بين أن يكون في رحم المرأة أو في صلب الرجل الآن علتم أنّ القول الأول الجواز في مرحلة النطفة. معنى هذا التحريم فيما عداه.
القول الثاني: الجواز مطلقا ما لم ينفخ الروح. وهذا القول اختاره ابن عقيل واختاره ابن عبد الهادي واستدلوا بأنه لا يوجد نص صحيح يدل على تحريم إسقاط الجنين. والحمل قبل نفخ الروح ليس إلاّ قطعة لحم أوقطعة دم.
القول الثالث: التحريم مطلقا , لا يجوز الإسقاط مطلقاً في أي مرحلة من مراحل الجنين واستدلوا على هذا بدليلين:
الدليل الأول: القياس على وأد البنات. قالوا أنّ إسقاط الجنين يشبه الوأد بجامع أنّ في كل منهما قتل للطفل.