والقول الثاني: أنها تتم من الشهر الثالث بحسب الشهر الذي بدأت به , فإن كان الشهر الذي بدأت به تاما أتمت ثلاثين , وإن كان ناقصا أتمت تسعة وعشرين. وبهذا تكون اعتدت الثلاثة أشهر بالأهلة , وهذا القول الثاني اختيار شيخ الإسلام واستدل على هذا بأنّ الشهر في الشرع هو الشهر الهلالي , والفرق بين الجمهور ورأي شيخ الإسلام سيكون دائما كم؟ يوم واحد فقط. فإذا أرادات المرأة أن تحتاط لا شك أنها ستتم هذا اليوم ولكن كلام شيخ الإسلام في هذه المسالة قوي لأنّ الأشهر في الشرع تحسب باعتبار الأهلة.
قال - رحمه الله - (فتعتد: حرة ثلاثة أشهر وأمة شهران)
يعني وتعتد الأمة الآيسة أو الصغيرة لمدة شهرين فقط , واستدلوا على هذا بأنّ: عدة الأمة إذا كانت تحيض حيضتان , فيقابل كل حيضة كم؟ شهر واحد فبذلك تكون عدتها شهرين كل شهر يقابل حيضة.
والقول الثاني: أنّ الأمة تعتد لمدة شهر ونصف فقط. واستدل هؤلاء بأنّ الأمة إنما أمرت بأن تعتد لمدة حيضتين لأنّ الحيضة لا تتبعض وأما الأشهر فإنها تتبعض , ولذلك تعتد الأمة نصف عدة الحرة فتأخذ شهر ونصف فقط.
والقول الثالث: أنّ الأمة تعتد لمدة ثلاثة أشهر كالحرة واستدل أصحاب هذا القول بأنّ الغرض من العدة معرفة براءة الرحم وبالنسبة للتي لا تحيض لا يمكن أن تعرف برآءة الرحم إلاّ بمرور ثلاثة أشهر لأنه بمرور الثلاثة أشهر يبلغ الجنين المرحلة الثالثة وهي التي يظهر فيها الحمل بخلاف الحيض فإنّ برآءة الرحم تعرف من حيضة واحدة , والحكمة من العدة معرفة براءة الرحم وهذا لا يحصل إلاّ بثلاثة أشهر وتستوي في هذا الأمة والحرة , وهذا القول مال إليه الحافظ الشيخ ابن القيم وهو قول كما ترى وجيه , إلاّ أنه في وقتنا هذا لا نحتاج إلى هذا القول لأنه بالإمكان معرفة براءة الرحم بطرق أخرى , ولهذا أنا أرى أنّ الراجح هو القول الثاني. أنها تعتد بشهر ونصف لأنه عرفنا من طريقة الصحابة أنهم يجعلون الأمة تعتد على النصف من عدة الحرة فإذا كانت الحرة ثلاثة أشهر فالأمة شهر ونصف.
وأما براءة الرحم فتعلم بطرق أخرى وإذا لم نتمكن من معرفة براءة الرحم بالطرق الطبية المعاصرة فإنه نرجع إلى قول من؟ ابن القيم وهو القول الثالث.