لما قرر المؤلف - رحمه الله - أنّ البائن لها النفقة إذا كانت حاملا بيّن مسألة أخرى وهي هل هذه النفقة للحمل أو لها من أجل الحمل فالمذهب كما ترى أنه للحمل. واستدلوا على هذا بأنّ النفقة تثبت بوجود الحمل وتنتفي بعدمه فدل ذلك على أنّ النفقة له.
القول الثاني: أنّ النفقة لها من أجله واستدلوا بدليلين: الأول: الآية {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن}[الطلاق/٦] فأضاف النفقة إلى المرأة.
الثاني: أنّّ هذه النفقة تثبت في الإعسار والإيسار , فدل ذلك على أنّ النفقة لها من أجله لا له.
القول الثالث: أنّ النفقة له ولها من أجله وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ولم أقف على دليله يغلب على الظن أنه أراد أن يجمع بين أدلة القولين. لهذا الخلاف فروع وثمار كثيرة تنبني على الراجح في هذه المسألة نذكر مثالا واحدا يدل على أهمية المسألة.
إذا حملت المرأة الموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد من الرجل فإنه إذا كانت النفقة للحمل فيجب أن ينفق عليها وإذا كانت النفقة للمرأة فإنه لا يجب أن ينفق عليها لأنها ليست زوجة وإنما موطوءة بشبهة إذا هذه المسألة تبيّن أنه يترتب على هذا الخلاف الفقهي آثار كثيرة.
الراجح المذهب وشيخ الإسلام قوله - رحمه الله - من حيث التفريع يتوافق مع المذهب فنستطيع أن نقول أنه في الحقيقة لا فرق كبير بين اختيار شيخ الإسلام وبين المذهب من حيث الثمرة لأنّ الشيخ - رحمه الله - ابن تيمية لما أراد أن يمثل فإذا هو يمثل كما مثل الحنابلة فيقول في الموطوءة بشبهة أنه تجب النفقة للحمل لا للموطوءة بشبهة بناء على هذا نستطيع أن نقرر قاعدة وهي [أن نفقة الرجل على البائن الحامل هي من باب نفقة الرجل على ابنه وليست من باب نفقة الرجل على زوجته] وإذا قررت هذه القاعدة استطعت أن تعرف جميع الفروع التي تنبني على هذه المسألة المهمة.
ثم - قال رحمه الله - (ومن حبست ولو ظلما)
بدأ المؤلف في بيان الأسباب التي تسقط النفقة بها , وقد وضع شيخ الإسلام ابن تيمية ضابطا عاما مفيدا لطالب العلم. وهو يقول [كل أمر تجب طاعة الزوج فيه إذا عصته الزوجة سقطت نفقتها] وسيأتينا أنّ الأمثلة تقرر وتبيّن وتوضح هذا الضابط الذي ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله -