واستدلوا أن من مصلحة الطفل العظمية أن يرضع من أمه فإنها احن عليه وأكثر شفقة وهذا لا إشكال فيه أن الام أحق بالإرضاع , لكن سيأتينا بعد قليل مسألة إذا كانت الأم طلبت الأجرة سيأتينا حكم هذه المسألة. لكن الذي يعنينا الآن أن الأم أحق بالطفل من غيرها وتُقدم على الأخريات ولو بأجرة.
ثم قال - رحمه الله -: (ولا يلزمها)
قوله ولا يلزمها: أي لا يلزم الأم أن ترضع الطفل.
وهذه المسألة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون الأم مع الأب ولم تطلق , والمسألة الثانية: أن تكون الأم ليست مع الأب.
فإذا كانت الأم ليست مع الأب فلا يلزمها الإرضاع بالإجماع , وإذا كانت مع الأب فذهب الجماهير إلى أنه لا يلزمها أن ترضع واستدلوا على هذا بقوله {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى}[الطلاق/٦]. ومعنى فسترضع: أي فاسترضعوا له أخرى. وإذا اختلفت الزوجة مع الزوج فقد تعاسرا وإذا تعاسرا فسترضع له أخرى. والدليل الثاني: أن الرضاع إما أن يكون حق للزوج أو للزوجة أو للابن , ولا يمكن أن يكون حقا للزوج ولا يمكن حقا للابن لأنه لا يلزم الزوجة أن ترضع الابن إذا كانت مطلقة بالإجماع. ولو كان حقا له للزمها أن ترضعه ولو كانت مطلقة. فلم يبقى إلا أن يكون حقا للزوجة وإذا كان حقا لها فلها أن ترضع ولها أن تترك.
والقول الثاني: أنه إذا كانت المرأة مع الزوج فإنه يلزمها أن ترضع وجوبا وليس لها أن تمتنع. لقوله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}[البقرة/٢٣٣]. ولأن الطفل يتضرر بترك أمه إرضاعه. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول (لا ضرر ولا ضرار). ولأن امتناع الزوجة عن الإرضاع ليس من العشرة بالمعروف إذا طلبها الزوج. ولعل الأقرب الوجوب وإن كان قول الجمهور فيه وجاهة. لكن الأقرب إن شاء الله الثاني وهو المتوافق مع قواعد الشرع من حيث أن من أعظم مهام الأم أن ترضع ابنها.
ثم قال - رحمه الله -: (إلا ضرورة كخوف تلفه)
إذا خيف على الابن التلف بأن لا يقبل إلا من أمه حينئذ تعين عليها ووجب أن ترضعه لا نزاع لأنه انتقلت المسألة إلى حال الضرورة.