للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ألا يكلفه مشقا كثيرا لما تقدم من الأحاديث ولا يكلفه مالا يطيق. وذكر الفقهاء أن ضابط المشقة: أن يعجز عن العمل , ويبدو لي أن هذا الضابط فيه نوع إجحاف لأنه لا يجب أن ننتظر إلى أن يعجز العبد عن العمل. بل تعرف المشقة بالعرف وسؤال أهل الخبرة فإذا بلغ هذا العمل أن يوصف بأنه مشقة فإنه لا يجوز على السيد أن يكلفه إياه وإن لم يعجز عنه. فربما يتمكن الإنسان من أداء بعض الأعمال بالمشقة والعسر وإن كانت توصف بالمشقة والضرر ولكنه لا يعجز عنها , يتمكن بالقيام بها. ولهذا الأولى أن نرجع في مسالة التكليف بما لا يطاق إلى العرف وسؤال أهل الخبرة.

ثم قال - رحمه الله -: (وإن اتفقا على المخارجة جاز)

المخارجة: هي أن يتفق السيد والعبد على أن يؤدي العبد للسيد قدرا معلوما في وقت معلوم وما زاد من الكسب فهو له أي للعبد.

المخارجة جائزة بالنص والقياس. أما القياس فتقاس على المكاتبة بجامع أن في كل منهما عقد بين السيد والعبد.

وأما النص: فثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما احتجم طلب من موالي الحجام أن يضعوا عنه من خراجه. وفي هذا إقرار للمخارجة. كما انه ثبت أن عددا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عاملوا عبيدهم بالمخارجة. فلا شك في مشروعية المخارجة.

ثم قال - رحمه الله -: (ويريحه وقت القائلة والنوم والصلاة)

أي في هذه الأوقات الثلاثة: وقت القائلة والنوم والصلاة. والدليل على انه يريحه في هذه الأوقات أن العرف جرى بهذا. كما أن ترك الإراحة في هذه الأوقات

يدخل على العبد المشقة والضرر , والشارع نفى الضرر عن المسلمين. فيجب عليه أن يريحه في الأوقات الثلاثة. ومن المعلوم أن الإراحة في هذه الأوقات الثلاثة يرجع فيها للعرف فقد يطلب من السيد أن يريحه في وقت آخر يكون العرف أنه هو وقت الإراحة المهم يرجع في تحديد ما عدا الصلاة إلى العرف في البدن.

ثم قال - رحمه الله -: (ويركبه في السفر عقبى)

<<  <  ج: ص:  >  >>