القول الثاني: أنه يقتص ولو في غير ماله حد ولو في غير المفصل , وطريقة القصاص أن نأتي بطبيب من أهل البصيرة أو المعرفة ويجتهد ما أمكنه في عدم الحيف والزيادة, وتتم عملية القصاص ولو من غير مفصل أو عظم له حد, وهذا القول الثاني هو الصحيح أن شاء الله , وهو مذهب المالكية , واختيار ابن المنذر لأن النصوص عامة وبالإمكان التحرز من الحيف بالاستعانة بمن له بصيرة من أهل الخبرة من الأطباء , هذا التقرير كله يتعلق بالوقت السابق الذي لم يتطور فيه الطب , أما اليوم فبالإمكان أن يقتص الطبيب من الجناية اقتصاصاً لا زيادة فيه ولا نقص عن الجناية , لأنه أمكن معرفة قدر الجناية بالآلات الحديثة وإيقاع نظيرها على الجاني بلا زيادة , فلا شك اليوم أنه يمكن أن يقوم ولي الأمر بالاقتصاص من غير حيف ولا زيادة.
مسألة/ المماثلة تكون بالمساحة لا بالقدر , بمعنى لو قطع الجاني من المجني عليه مثلاً سته صانتي من قدمه , فإن المماثلة تكون بأن ننظر هذه السته صانتي ماذا تمثل من قدم المجني عليه فإن كانت تمثل النصف قطعنا نصف قدم الجاني , وإن كانت تشكل الربع قطعنا ربع قدم الجاني, إذا تعرف بالنسبة لا بالمقدار فننظر إلى نسبة ما جمناه الجاني ونفعل فيه كما فعل.
الشرط الثاني: المماثلة في الاسم والموضع , يشترط لجواز الاقتصاص أن يستوي العضو المجني عليه مع عضو الجاني في الاسم والمكان , واستدل الحنابلة على هذا بأن الأعضاء إذا اختلفت أماكنها اختلفت منافعها فلم تتحقق المساوات , واستدلوا بدليل ثاني وهو أنه لا يجوز أن تقتص من العين بالأنف ولا بالأنف من الأذن فكذلك إذا اختلف الاسم والمكان , وسيذكر المؤلف ما المقصود بالاسم والمكان , عرفنا الآن حقيقة الشرط الثاني, ثم ذكر الأمثلة.