يشترط في المقذوف أن يكون ممن يجامع مثله وتقدم معنا مرارا من هو الذي يجامع مثله في المرأة وفي الرجل والخلاف في حده في الرجل وفي حده في المرأة فهنا يشترط أن يكون المقذوف ممن يجامع مثله فإن لم يكن كذلك فلا قاذفه الحد والسبب في هذا أنّ قذف من لا يجامع مثله لا يترتب عليه عيب ولا شين للمقذوف للعلم قطعا بكذبه إذا يرميه بما لا يتصور وقوعه منه فعلم كذبه فارتفع الشين والعيب للمقذوف إلاّ أنّ من فعل هذا فإنه يجب أن يعزر ليرتدع عن إطلاق مثل هذه الألفاظ وإن لم يجب عليه حد القذف.
ثم - قال رحمه الله - (ولا يشترط بلوغه)
يعني لا يشترط في المقذوف لكي نحد قاذفه أن يكون بالغا واستدل الحنابلة على هذا بأنّ المقذوف غير البالغ حر له وصف يعيبه إذا أطلق عليه الزنا واللواط فوجب في قاذفه الحد. واستدلوا أيضا بأنّ القذف يشين البالغ وغير البالغ يعيب البالغ ويعيب غير البالغ لأنه يتصور منه الوطء فإذا قال يا زاني فربما ظن فيه أنه زاني حقيقة.
والقول الثاني: أنه يشترط في المقذوف أن يكون بالغا لأنّ غير البالغ يشبه الكيف في كليهما ولهذا فلا يجب على قاذفه الحد والراجح إن شاء الله بلا إشكال القول الأول كيف وقد تقدم معنا في الدرس السابق أنّ المجنون لو كان فيه خلاف لرجحنا وجوب القذف المقيس عليه وهو المجنون لو كان فيه خلاف لرجحنا وجوب القذف فكيف نقيس على من هو حكمه لم يثبت تماما فلذلك نقول الراجح إن شاء الله بلا إشكال وجوب الحد وإن كان المقذوف لم يبلغ. ثم انتقل المؤلف إلى صريح القذف وكنايته.
يقول - رحمه الله - (وصريح القذف)
تنقسم ألفاظ القذف إلى صريحة وكناية وتقدم معنا في الطلاق الكلام عن الصريح والكناية فاللفظ الصريح في الشيء هو ما لا يقبل إلاّ معناه هذا من حيث المعنى وأيضا يتعلق بهذا حكم آخر مهم وهو أنه في اللفظ الصريح لا يقبل من قائله تفسيره بغير مدلوله إلاّ ببيّنة.
فالصريح عند المؤلف يقول - رحمه الله - وصريح القذف يا زاني يا لوطي ونحوه , الصريح عند الحنابلة هو أحد ثلاثة ألفاظ: