القول الثاني: أنّ الحلف بغير الله مكروه وليس بمحرم واستدلوا على هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي سأله عن شرائع الإسلام فلما خرج قال أفلح وأبيه إن صدق. فقال هذا فهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف بأبي الرجل مما يدل دلالة واضحة على أنه ليس بشرك ولا بمحرم.
والجواب على هذا الحديث. الحديث صحيح والجواب عليه بأحد جوابين أجابوا عليه بسبعة أوجه فيها ضعف وأحسن الأجوبة أن يجاب بأحد أمرين: الأول" أنّ هذا مما يجري على الألسن وما يجري على الألسن فهو من اللغو واللغو ليست من الأيمان المنعقدة. يعني من لغو اليمين.
الثاني: أنه منسوخ وأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا في أول التشريع ثم نسخ بالأحاديث الدالة على تحريم الحلف بغير الله.
والثالث: الجواب الثالث وهو كالسابقين في القوة محكم وترك المتشابهه وتلك النصوص محكمة جدا فالنهي عن الحلف بغير الله وهذا متشابهه فاحتمل أنه قبل المنع ويحتمل أنه من لغو اليمين ويحتمل أنه أمر جاء على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - وورود مثل هذه الاحتمالات تضعف الاستدلال به وبكل حال الحلف بغير الله محرم بل نوع من الشرك وقد يكون شرك أكبر وقد يكون شرك أصغر بحسب ما يقوم بقلب الحالف.
ثم - قال رحمه الله - (ولا يجب به كفارة)
لا يجب بالحلف بغير الله كفارة لأنّ هذا الحلف لم ينعقد والحلف الذي يوجب الكفارة هو المنعقد وهذا بطبيعة الحال مذهب الجماهير الذين يرون أنه محرم , أما من يرى أنه منعقد فاليمين عند كل العلماء إذا انعقدت فيها كفارة.
قال - رحمه الله - (ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط: الأول" أن تكون اليمين منعقدة)
الأيمان إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: اليمين المنعقدة. والقسم الثاني: اليمين الغموس. والقسم الثالث: لغو اليمين.
وسيتحدث المؤلف - رحمه الله - عن كل واحدة على حدة من حيث الانعقاد ومن حيث الكفارة.
يقول - رحمه الله - (ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط أن تكون اليمين منعقدة وهي التي قصد عقدها مستقبل ممكن).