ذهب الجمهور إلى أنّ اليمين لا تنعقد إلاّ إذا اتصفت بصفتين. الأول أن يقصد عقد اليمين. الثاني: أن تكون على مستقبل. واستدلوا على الشرط الأول بقوله تعالى {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان}[المائدة/٨٩] وفي الآية الأخرى {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم}[البقرة/٧٤] ومفهوم الآيتين. أنّ اليمين لا ينعقد إلاّ إذا قصد عقد قلبه عليه.
أما الشرط الثاني فهو أن يكون على مستقبل واستدلوا على قوله تعالى {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم}[المائدة/٨٩] وجه الاستدلال أنه قوله إذا حلفتم يعني إذا حلفتم فحنثتم في المستقبل واليمين المنعقدة فيها الكفارة بالإجماع ولهذا سيخصص المؤلف لكفارة اليمين المنعقدة كلاما مستقلا.
ثم - قال رحمه الله - (على مستقبل ممكن)
اشترط المؤلف أن يكون على مستقبل ممكن. وقوله ممكن يخرج المستحيل والمستحيل ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يحلف على ترك على المستحيل كقوله والله لا أصعد السماء , حلف على فعل أو ترك المستحيل؟ على ترك المستحيل فإذا حلف على ترك المستحيل فإنّ اليمين لا تنعقد ولا كفارة فيها بالإجماع لأنّ هذا اليمين عبث وعدم حصول مقتضى اليمين معلوم.
القسم الثاني: أن يحلف على فعل المستحيل ليس على ترك المستحيل كأن يقول والله لأصعدن السماء , وفي الأول قلنا والله لا أصعد إلى السماء فهذا الثاني ذهب الجماهير إلى أنه منعقد وفيه الكفارة واستدلوا على هذا بأنّ الحلف على مستحيل يدخل في عموم الأدلة فهو حلف على أمر مستقبل.
والقول الثاني: أنه لا ينعقد لأنه حلف على أمر يتعذر البر به وقياسا ما لو حلف على ترك المستحيل والأقرب مذهب الجمهور وإن كانت المسألة تحتاج إلى مزيد تأمل.
ثم - قال رحمه الله - (فإن حلف على أمر ماض كاذبا عالما فهي الغموس)