والقول الثالث والأخير: أنه إذا أقرّ لوارث صح إذا لم توجد تهمة وبطل إذا وجدت تهمة وهذا مذهب الإمام مالك - رحمه الله - وهو غاية في الجودة والإتقان وتحصيل المصالح للمقر له وللمقِر ومن أكثر صور انتفاء التهمة أن يشفع المقِر إقراره بسبب الإقرار كأن يقول له عليّ كذا ثمن هذه السيارة ونحن نعلم أنّ هذه السيارة ملك للمُقر له أو كانت ملك للمقر له , أو أن يكون سبب لهذا البيت أو سبب لهذه السلعة المهم أن يبيّن السبب إذا بيّن السبب انتفت التهمة ومن صور انتفاء التهمة أن لا يظنّ بهذا الرجل أبدا أنه يريد محاباة هذا الوارث ومن صور إثبات التهمة أن يقرّ لوارث صغير مريض هنا يتهم أو لا يتهم؟ يتهم لأنه يغلب على الظنّ أنه أراد أن يحابيه فهذا القول الراجح إن شاء الله.
قال - رحمه الله - (وإن أقرّ لامرأته بالصداق فلها مهر المثل بالزوجية لا بالإقرار)
إذا أقرّ لها بالصداق فلها مهر المثل بالزوجية لا بإقراره يعني أننا إنما استفدنا من إقراره أنه زوج والزوجية تقتضي المهر ولهذا لم نعطيها إلاّ ماذا؟ مهر المثل لأنّا استفدنا من الإقرار أنها زوجية فلا نأخذ قيمة الإقرار وإنما نأخذ مقتضى الزوجية. ومقتضى الزوجية هو ماذا؟ مهر المثل.
والقول الثاني: أنه لا يقبل مطلقا لأنّ هذا من الإقرار لوارث.
والقول الثالث: أنه يقبل وأنها تأخذ الصداق بالإقرار لا بالزوجية والراجح المذهب. والقول بعدم قبول الإقرار جملة وتفصيلا أيضا قوي لأنه يغلب على الذهن أنّ الإنسان إذا أقر لزوجته في مرض موته المخوف غالبا أنه فيه تهمة ومراعاة لها وعطف عليها وأنه يخشى بعد أن يموت أن تهمل إلى آخره. لكن نقول قول الحنابلة أنه يعطى بهذا المقدار مهر المثل لأنه تبيّن أنه لم يعطيها المهر بمقتضى الزوجية فهذا وسط إن شاء الله.
قال - رحمه الله - (وإن أقرّ أنه كان أبانها في صحته لم يسقط إرثها)