إذا أقرّ في مرض موته المخوف أنه أبانها في صحته لم يسقط الإرث بلا إشكال لأنه متهم أنه أراد منعها من الإرث بشكل واضح بدليل أنه أخر الإقرار إلى مرض موته المخوف وظاهر كلام الحنابلة أنه ولو دلت القرائن على أنه أبانها فإنه ربما تدل القرائن على ذلك بأن يكون كل من الزوجين انفصل لمدة طويلة لسنين ثم أراد أن يخبر في مرض موته أنها ليست بزوجة , يعني إن دلت القرائن فيحتمل أن يقبل قوله. وهل يقبل في مرض موته المخوف إذا أتى ببيّنة ولا نقول أنت متهم؟ أنتم يا إخوان أخذتم في أول باب القضاء أنه يجب على القاضي أن يحكم بالبيّنة مطلقا إذا وجدت البيّنة في أي صورة من الصور فإنه يحكم بها مادام بيّنة ونحن إذا قلنا بيّنة يعني أنها مكتملة الشروط فلا يأتي في ذهنك أنه ربما يكذب الشاهد ربما لا يكون دقيق نحن نقول بيّنة والبيّنة الشرعية هي المكتملة الشروط فإذا سئلت عن قضية البيّنة لا تردد في أنّ القاضي يحكم بمقتضى البيّنة.
قال - رحمه الله - (وإن أقرّ لوارث فصار عند الموت أجنبيا لم يلزم إقراره لأنه باطل)
إذن العبرة في الإقرار بوقت الإقرار لا بوقت الموت عكس الوصية. العبرة في الوصية بالموت لا بوقت صدور الوصية. هنا العبرة بوقت الإقرار لماذا؟ لأنّ تعليل إبطال أو تصحيح الإقرار يقوم على التهمة والتهمة إنما تعرف في وقت الإقرار لا في وقت الموت فإذا أقر له وهو وارث ثم صار حين الموت أجنبيا فلا يستحق شيء لماذا؟ لأناّ تبيّنا أنّ هذا الإقرار شرعا باطل وقد يتوهم كثير من الناس أنه مستحق للإقرار باعتباره أنه الآن أجنبي وهذا خطأ لأنّ الإقرار عقد من العقود الشرعية يصح تارة ويبطل تارة أخرى نحن نقول أنّ الإقرار هنا باطل فلا يترتب عليه أثر. إذن تقرر معنا الآن أنّ الاعتبار بحال الإقرار لا بحال الموت لما قرر هذا المبدأ فرع عليه أيضا بعكس الصورة.
قال - رحمه الله - (وإن أقرّ لغير وارث أو أعطاه صح وإن صار عند الموت وراثا)
إذن إذا أقرّ لغير وارث ثم صار عند الموت وارثا فإنّ الإقرار صحيح لأنه حال صدوره صح شرعا واستوفى الشروط وهذا ينبني على القاعدة الأولى أنّ الاعتبار بحال الإقرار لا بحال الموت.