قال - رحمه الله - (إلاّ أن يكون قد أقرّ أنه ملكه أو أنه قبض ثمن ملكه لم يقبل)
يستثنى مما سبق إذا أقرّ في ضمن الإقرار الأول أنها ملكه يعني إذا باعها وقال وهي ملكي بعت عليك ملكي أو قال قبضت ثمن ملكي حينئذ أقرّ أنها ملكه فصار الإقرار الأول متعارض مع البيّنة الثانية. فلا تقبل البيّنة هنا لأنها تتعارض مع إقراره فإقراره يكذب بيّنته وهذا من المواضع القليلة التي لا تقبل فيها البيّنة ولا أذكر الآن أنه مرّ علينا عدم قبول البيّنة إلاّ في موضعنا هذا الموضع وموضع سابق فقط فيما عدا هذين الموضعين فإنه لا ترد البيّنة الصحيحة.
فصل
قوله - رحمه الله - فصل الفصل هذا معقود للإقرار بالمجمل. والمجمل هو كل لفظ لا يدل على معناه بمجرد لفظه.
قوله - رحمه الله - (إذا قال: له عليّ شيء أو كذا قيل فسّره)
تضمنت كلمة المؤلف بيان حكمين: الحكم الأول أنّ الإقرار بالمجمل صحيح ومشروع وهذا محل إجماع فالإقرار بالمجمل صحيح وصحته مجمع عليها واستدل الحنابلة وغيرهم من الفقهاء على هذا الدليل بأنّ الإقرار اعتراف على النفس فيقبل ولو كان مجهولا لأنه يعترف على نفسه. الحكم الثاني: أنه إذا أقرّ بمجمل طولب بتفسيره ومطالبة المقر بالمجمل بالتفسير أيضا محل إجماع فإنهم أجمعوا على أنه يجب أن يفسر واستدلوا على هذا بأنه إذا أقرّ بمجمل فإنه لا يمكن أن يأخذ الحكم مجراه ولا أن تسلم العين المدعاه إلى صاحبها إلاّ بعد التفسير فنلزمه إلزاما بالتفسير لهذا السبب وللإجماع. ثم سيبيّن المؤلف فيما لو رفض أن يفسر.
قال - رحمه الله - (فإن أبى حبس حتى يفسر)
إذا أبى حبس حتى يفسر يعني حتى يفسر هذا المجمل الذي أقرّ به والسبب في هذا ما تقدم معنا قاعدة أيضا مرارا وهو أنّ كل من امتنع عن حق متوجه عليه فللقاضي أن يحبسه , هذا امتنع عن حق وهو بيان المجمل الذي أقرّ به وإذا امتنع عن هذا الحق ألزمناه به وحبسناه حتى يقرّ.