القول الثاني: أنه إذا أبى أن يفسر اعتبرناه ناكلا فإذا اعتبرناه ناكلا أسند التفسير إلى المقر له فنقول هو يقر لك ولم يبيّن فبماذا؟ فإذا فسر المقر له المقر به رجعنا إلى المقر فإنّ استمر رافضا للبيان ألزمناه بالعين التي فسرها المقر له. وهذا القول هو الصحيح واختاره القاضي من الحنابلة وهذا الحكم فيه من فصل ونزعات وإرجاع الحقوق لأهلها وتوفير الأوقات ما ليس في القول بحبسه فإنّ كثيرا من الناس لا يمتنع من الحبس حتى يذهب مدة طويلة وهو يتمتع بالعين التي أقرّ بها أو بالديون ثم يخرج بعد فترة ويسدد أهل الديون أو يؤدي المقر به إلى أصحابه بعد فترة من الانتفاع بها. لذلك نحن نقول يعتبر ناكلا ونقول له إما أن تبيّن أو أن تعتبر ناكلا ونقبل قول المقر له. والشخص الذي يصر على أن لا يبيّن الشيء المجمل أو الذي أقرّ به في هذا أكبر دليل على أنه شيء عظيم امتنع عن أدائه ولهذا نقبل تفسير المقر له ولو ارتفع أليس كذلك؟ من المعلوم أنّ المقر له إذا أسندنا إليه الأمر ماذا سيصنع؟ سيقر بشيء رفيع جدا لأناّ أعطيناه الفرصة أن يبيّن المقر به المجمل وهذا لا غبار عليه نظرا لأنّ المقر رفض وهذا بحث نظري ولا عملي؟ لو في شيء أكثر من نظري لوصفانه بهذا الوصف. لأنه يأتي ويقرّ ثم نتوقف عند التفسير يعني لا يمكن هذا أو لا يقع إلاّ نادرا.
قال - رحمه الله - (فإن فسره بحق شفعة أو بأقّل مال قبل)
مقصود المؤلف أنه إذا فسره بأي شيء يتمول ولو قّل نقبله لأنه إنما أوجبنا عليه الحق باعترافه فإذا فسر الاعتراف ولو بمال قليل قُبل.
قال - رحمه الله - (وإن فسره بميتة أو خمر أو قشر جوزة لم يقبل)
إذا فسره بميتة أو خمر لم يقبل لأنه اعترف بحق والحقوق مالية والخمر والميتة ليس بمال في الشرع فإذا اعترف بحق وفسره بأنه ميتة أو دم كان تماما كمن قال له عليّ ألف وقضيته لأنّ آخر الكلام ينفي أول الكلام لأنه اعترف بما ليس بحق ونحن نقول هو اعترف في الأصل بحق ثم فسره بغير حق فصار فيها تناقض وتنافي.