للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن عثمان بن عفان - قريء عنده القرآن ومر بسجدة ولم يسجد فلما قيل له في ذلك قال: إنما السجود على استمع.

وروي نحوه تماماً عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه -.

وروي نحوه عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.

والآثار في هذا الباب متواترة وكثيرة وواضحة أن السجود إنما يشرع للمستمع دون السامع.

= والقول الثاني: أنه يشرع أيضاً للسامع أن يسجد.

واستدلوا على هذا: بأنه جاءت نصوص عامة في أن من استمع السجدة سجد ولا يوجد مخصص للسامع.

والراجح مذهب الحنابلة لأنه يوجد مخصص وهي الآثار ونحن أخذنا قاعدة - مراراً وتكراراً - أنه يجب أن نفهم النصوص على ضوء فهم السلف الصالح وأن لا نتفقه في النصوص مجردة.

• ثم قال - رحمه الله -:

وإن لم يسجد القارئ: لم يسجد.

يعني أن مشروعية السجود بالنسبة للمستمع معلقة بسجود القاريء. فإن سجد القاريء سجد المستمع وإن لم يسجد لم يسجد.

= هذا مذهب الحنابلة.

واستدلوا على ذلك: بأن بعض الصحابة قرأ بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَرَّ بسجدة ولم يسجد ثم نظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كنت إمامنا ولو سجدت لسجدنا.

فهذا صريح أن سجود المستمع معلق بسجود القاريء.

هذا الحديث مرسل لكن يصلح للاحتجاج لماذا؟

١ - لأن مرسله زيد بن أسلم: وهو مولى عمر بن الخطاب - فهو من كبار التابعين ومن ثقات الناس.

٢ - الإسناد إلى زيد بن أسلم - أي إلى مرسل الأثر - إسناد صحيح.

فهذا المرسل وإن كان لم يثبت مرفوعاً لكنه صحيح. فإذا كان زيد بن أسلم يجزم بوقوع هذه الحادثة ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد وقال هذه العبارة وهو من كبار التابعين والإسناد إليه صحيح فإنه يصلح للإحتجاج وهو خير من الرأي المجرد.

= والقول الثاني: أن الإنسان يسجد ولو لم يسجد القاريء. أخذاً بعموم النصوص.

والصواب مذهب الحنابلة. لأنه هذا الأثر المرسل يصلح للاستدلال.

• ثم قال - رحمه الله -:

وهو أربع عشرة سجدة في ((الْحَجِّ)) منها اثنتان.

يريد المؤلف أن يبين مواضع السجود في القرآن ومواضع السجود في القرآن تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: مواضع مختلف فيها بين الفقهاء.

القسم الثاني: مواضع متفق عليها بين الفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>