وقبل أن نذكر القول الثاني يضاف إلى ما يشبه تحرير النزاع نقول: الأمر الثالث: أنه لا يوجد قائل بالتحريم بين أهل العلم فكلهم على الكراهة خلافاً لما يشعر به بعض الباحثين كأنه يميل إلى التحريم فإن العلماء لم يذكروا التحريم فيما وقفت عليه مطلقاً وإنما كلهم على أنه يكره.
= القول الثاني: أن الصلاة بين السواري جائزة بلا كراهة مطلقاً.
وممن رجح هذا القول ابن المنذر رحمه الله.
واستدل على هذا بأمرين:
الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بين ساريتين والأصل أنه لافرق بين المنفرد والإمام والمأموم.
الثاني: أنه لا يثبت في هذا الباب خبر صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وممن أشار إلى هذا ابن المنذر نفسه فإنه أشار إلى عدم ثبوت شيء في هذا الباب.
وإذا لم يأت عن النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم - حديث فيه النهي عن الصلاة بين السواري فبأي شيء نحكم على صلاة من صلى بين السواري بلا حاجة بأنه فعل مكروهاً.
وهذا القول الثاني قوي جداً في الحقيقة ووجيه ولكن يشكل عليه أنه روي عن بعض الصحابة أنه كره الصلاة بين السواري لكن مع ذلك لا يظهر لي أنه يكره الصلاة بين السواري.
فمثل هذا الأمر الذي يحتاج إليه الناس كثيراً لا سيما في السابق فإنه في السابق الأبنية تحتاج إلى عدد من الأعمدة والبناء الذي لايعتمد على وجود عدد كبير من الأعمدة إنما حصل أخيراً مع التقدم أما في السابق فكانت الأعمدة كثيرة ولذلك إذا دخلت مسجداً مبنياً من الطين فستجد أن عدد الأعمدة كثير جداً.
فالحكم على صلاة الناس بالكراهة إذا صلوا بين الأعمدة بلا حاجة يحتاج إلى دليل.
فالأقرب والله أعلم أنه لا يكره وإن احتاط الإنسان لنفسه بأن لا يصلي إلا لحاجة صار هذا جيد بسبب أنه احتاط لصلاته أن لا يصلي مع الكراهة التي توجد عند الحنابلة وغيرهم ويعتمدون فيها على أحاديث صححت من قبل بعض المعاصرين وفيه آثار فمجموع هذه الأمور تؤدي إلى الاحتياط.
أما من حيث البحث العلمي فالأقرب عدم الكراهة.
والله أعلى وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...
انتهى الدرس،،،