فإن قام الرجل للرجل بلا إرسال - فلو حضر رجل كبير وقام له رجل آخر بلا اتفاق سابق فإنه ينبغي للإنسان أن لا يجلس فيه بل ينبغي أن يأمر من قام أن يرجع إلى مكانه وإلى هذا ذهب الإمام أحمد فإنه دخل الجامع مرة فقام له رجل فأبى الإمام أن يجلس في مكانه وقال له: ارجع فاجلس في مكانك.
وهذا على سبيل الندب ولو جلس لجاز.
إذاً في الحقيقة نقول: يكره للقائم ولمن أراد أن يجلس أن يفعل هذا. لكن إن أرسل رجلاً وجلس مكانه فلا مانع على أن هذا لا ينبغي لكن لا نقول أنه لا يجوز بل يجوز لما ذكرنا من الآأثار عن محمد بن سيرين وهو من التابعين وهو بنفسه عالم وقوله معتبر وإقرار الناس له في عصر التابعين أيضاً يستدل به مع أننا لا نقول أن هذا دليل إنما نقول أن غاية ما هنالك أن تكون فتوى لتابعي لكن يستأنس بها الإنسان.
• ثم قال رحمه الله:
وحرم رفع مصلى مفروش.
يعني أنه يحرم على الإنسان أن يرفع المصلي المفروش الذي وضعه شخص ليأتي بعد حين ويجلس فيه.
والدليل على التحريم: من وجهين:
- الأول: أن في هذا افتياتاً على من وضع هذا المصلى المفروش.
- الثاني: أنه يقع في رفعه غالباً نزاع بين الرجلين والشارع الحكيم إنما أمر بالجمعة وحث عليها كما تقدم معنا تأليفاً للقلوب واجتماع الكلمة. فما كان يسبب عكس هذه الحكمة صار ممنوعاً في الشرع.
= والقول الثاني: أنه يجوز رفع هذا المصلى.
- لأن من وضعه فهو ظالم مغتصب للبقعة.
- ولأن الشارع الحكيم إنما أمر بالتبكير بالأبدان لا بحجز الأمكنة.
- ثالثاً: ولأن هذا يفضي غالباً إلى تخطي الرقاب وهو مكروه عند الحنابلة ومحرم على الصواب.
إذاً القول الثاني: جواز رفع المصلى لهذه الأدلة الثلاثة.
= القول الثالث: وجوب رفع المصلى على ولي الأمر. يعني أنه يجب على ولي الأمر أن يرفع هذا المصلى. لأن صاحب المصلى ظالم ومغتصب وعلى ولي الأمر أن ينكر هذا المنكر. - وولي الأمر: المسؤول سواء كان جهة أو غير ذلك إنما المهم أن تكون مخولة من ولي الأمر.
وهذا القول - الثالث - اختيار شيخ الاسلام. وهو الصواب.