وروي أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان يكبر على أهل بدر ست وعلى سائر الصحابة خمس وعلى الناس أربع.
ولما كبر ست في الآثار الأخرى عنه علل ذلك بقوله: إنه بدري. - يعني من أهل بدر.
ولذلك ترجم الطحاوي - رحمه الله - على هذه الآثار بأن الزيادة عن الأربع تشرع لأهل الفضل والعلم.
وهذا هو الأقرب. لأنا لم نأخذ مشروعية الزيادة على الأربع إلا للآثار عن الصحابة وهم خصوها بأهل بدر وأهل الفضل والخير.
فالأقرب أن نقول:
- إذا صلى الإنسان على رجل من أهل الخير والفضل فإنه يزيد كما صنع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
- وإن صلى على عامة الناس فإنه يكبر أربعاً.
لكن ينبغي على الإمام إذا صنع ذلك وخشي أن يفهم الناس أن الزيادة خاصة بفلان أن يبين العلم والسنة وأنه كبر خمساً أو ستاً لا لذات الرجل وإنما لوصفه وهو أنه من أهل الفضل والخير والتقدم وغيره يساويه.
هذا الذي يظهر من آثار الصحابة.
= والقول الثاني: أن التكبير خمس وست لا يتعلق بأهل الفضل بل يجوز لكل الناس.
•
ثم قال - رحمه الله -:
يقرأُ في الأُولى بعد التعوذ: الفاتحة.
إذا كبر الإمام فإنه كما قال المؤلف يقرأ في الأولى بعد التعوذ الفاتحة.
وفي هذه العبارة عدة مسائل:
ـ المسألة الأولى: يفهم من كلام المؤلف أنه لا يشرع لمن يصلي صلاة الجنازة أن يستفتح - يعني: أن يقرأ دعاء الاستفتاح.
= وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد وهو المذهب وإليه ذهب الجماهير.
واستدلوا بأدلة:
- منها: أن صلاة الجنازة شرع فيها التخفيف بدليل: أنه لا يشرع أن يقرأ الإنسان فيها بعد الفاتحة سورة أخرى. وبدليل: أنه ليس فيها ركوع ولا سجود.
- الدليل الثاني: أنه لم يرد في الآثار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قرأوا دعاء الاستفتاح.
= الرواية الثانية عن الإمام أحمد - رحمه الله - أن الإنسان إذا صلى صلاة الجنازة يقرأ دعاء الاستفتاح ورجح هذه الرواية الفقيه الكبير الإمام الخلال.
واستدل على ذلك:
- بالعمومات وهو: أنه كما يشرع للمصلي في سائر الصلوات أن يستفتح فكذلك في هذه الصلاة.
الراجح والله أعلم: أنه لا يشرع لقوة أدلة أصحاب القول الأول.