والأقرب أن الأمر واسع وأن المقصود هو أن يحمل الجنازة مع القوائم الأربع ولا يقتصر على قائمة واحدة وإنما يدور على القوائم الأربع فإذا دار عليها بأي صفة كانت فقد حقق السنة المذكورة في حديث ابن مسعود.
وهذه صفة غفل عنها كثير من الناس اليوم فهي صفة وسنة مقصودة أن يربع ويفاوت بين الحمل بين القوائم الأربع ويحتسب هذا عند الله.
ويشترط في التربيع أن لا يتسبب ذلك بمضايقة الناس والمشاحة الشديدة بين الذين يحملون الجنازة وإلا لم يستحب كما سيأتينا في مسألة تقبيل الحجر الأسود فكذا يقال هنا إذا كان يحصل زحام ومشادة فإن الإنسان ينبغي له أن لا يفعل.
• ثم قال - رحمه الله -:
ويباح بين العمودين.
يعني: أنه يجوز أن يحمل بين العمودين.
والدليل على هذا من وجهين:
- الأول: أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صنع ذلك.
- الثاني: أنه روي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأشار الإمام الشافعي إلى أن المنقول عن الصحابة هو الثابت دون المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا هو الدليل على أن الوقوف بين القائمتين مباح ولا بأس به.
• ثم قال - رحمه الله -:
ويسن: الإسراع بها.
الإسراع بالجنازة سنة.
وضابطه: أن يكون فوق المشي المعتاد وأن لا يزيد على ذلك. وإلى هذا الضابط ذهب المجد بن تيمية - رحمه الله - وهو الضابط الصحيح والإسراع فوق ذلك لا يستحب.
ـ المسألة الثانية: الدليل على الإسراع:
- قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن أعناقكم). وهذا الحديث تقدم معنا وهو نص في مشروعية المسارعة بالجنازة بهذا الضابط.
ويستثنى من ذلك: إذا خشي أهل الميت من حدوث ضرر بالجنازة عند الإسراع بها فإنه لا يشرع مطلقاً إذا خشوا من ذلك.
وهذا يحصل أحياناً بحيث تكون الجنازة لو أسرع بها ولو مقداراً يسيراً فإنه يحصل فيها ضرر إما لتفككها أو لكونها مشدودة جداً فيخشى أن تنفجر مع كثرة المياه أو كثرة الهواء فالمهم الضابط أنه إذا خشي أولياء الميت أن تتضرر فإنه لا يسن الإسراع.
•
ثم قال - رحمه الله -:
وكون المشاة أمامها.