فإذا كان الإنسان فقير لكن يوجد من يجب عليه أن ينفق عليه فلا نعطيه من الزكاة بل نقول: يجب على وليك أن ينفق عليك.
مسألة: فإذا امتنع ولي الأمر من النفقة فهو آثم لأنه ترك ما وجب عليه لكن يجوز أن نعطي الفقير من الزكاة لأنه يصدق عليه حينئذ أنه لا يجد كفايته.
الأمر الثالث: - الذي يرفع اسم الفقر والمسكنة - أن يوجد للإنسان مرتب يكفيه أو صنعة يتكسب منها. ولو لم يكن هو مالكاً للمال الآن وإنما يأتيه تباعاً فإنه لا يجوز له أن يأخذ من الزكاة.
مسألة: لا يجوز أن نعطي من الزكاة من كان قادراً على التكسب ولو ترك التكسب تفرغاً للعبادة بل يقال له إعمل واكسب وأنفق على نفسك.
ويجوز أن نعطي الزكاة من ترك التكسب تفرغاً للعلم ولا ينبغي له أن يصنع ذلك. لا ينبغي له أن يترك التكسب ويبقى على زكوات الناس لكن إن صنع فيجوز أن نعطيه. لأنه يعمل في مصلحة المسلمين فإن العلم نوعى من الجهاد.
• ثم قال - رحمه الله -:
(٣) والعاملون عليها: وهم جباتها وحفاظها.
العمال على الصدقة هم الذين يبعثهم الإمام ولي الأمر - لجمع وتحصيل الزكوات والقدوم بها عليه.
مسألة: ويدخل فيهم كل من لا يتم العمل إلا به كالرعاة والذين يحسبون والذين يكتبون وكل من لا يقوم العمل إلا به يدخل في العاملين عليها.
مسألة: ما يعطى هذا العامل من الأجر من المال يعتبر أجرة مقابل عمله تصرف من الزكاة.
بناء على تقرير هذا المبدأ: يعطى أجرة نظيره - أجرة المثل.
فإذا قررنا أن ما يعطى هذا العامل هو أجره فيرجع في تقدير هذه الأجرة إلى نظيره ومثيله فيرجع إلى أهل العرف من عمل نظير هذا العمل فكم يعطى؟ فيعطى من الزكاة بهذا المقدار.
وعرف مما تقدم - من التعريف - أن الذين يجتهدون في جمع الزكاة ممن لم يرسلهم ولي الأمر لا يعتبرون في عرف الفقهاء من العاملين عليها وإنما يختص هذا بمن يرسله الإمام.
وسهم العاملين عليها محل إجماع. ودل عليه: الإجماع والكتاب والسنة.
- فالإجماع: حكاه غير واحد من أهل العلم.
- والكتاب: الآية.